ذات صلة

جمع

صاروخ حوثي يخترق الأجواء نحو إسرائيل.. وتوتر إقليمي على صفيح ساخن

في ساعة مبكرة من فجر الأحد، دوّت صافرات الإنذار...

3 أعوام من الحرب.. كيف غيّرت المعارك وجه القطاع؟

يدخل قطاع غزة عامه الثالث تحت النار، محمّلًا بركام...

قاآني يكشف أسرار اغتيال نصر الله وخفايا 7 أكتوبر

في تصريحات مثيرة للجدل، كشف قائد فيلق القدس التابع...

إسرائيل على صفيح ساخن.. مصر تدخل على خط تبادل الأسرى

تشهد الساحة الإسرائيلية حالة من الترقب الحذر مع اقتراب...

واشنطن تضيق الخناق.. قيود على وفد البرهان في نيويورك

في الأول من أكتوبر 2025، فرضت على وفد السودان...

3 أعوام من الحرب.. كيف غيّرت المعارك وجه القطاع؟

يدخل قطاع غزة عامه الثالث تحت النار، محمّلًا بركام من الذكريات والأنقاض والأرواح. الحرب لم تعد حدثًا استثنائيًا، بل واقعًا مزمنًا يعيد تشكيل تفاصيل الحياة اليومية، من الماء إلى المأوى، ومن المدرسة إلى المقبرة.

وعلى امتداد 41 كيلومترًا من الشمال إلى الجنوب، تتبدّل ملامح غزة يومًا بعد آخر. الأحياء التي كانت تضج بالحياة تحوّلت إلى مساحات رمادية من الركام، لم يعد بالإمكان تمييز بيت من آخر، فالجدران المتساقطة تتشابه، والقصص المنسيّة تتشابه أكثر.

في الشمال، الذي كان أول مسرح للدمار، اختفت بلدات بأكملها من الخريطة، بينما تحوّلت المناطق الوسطى والجنوبية إلى ملاذات مؤقتة لملايين النازحين الذين لم يجدوا مأوى آمنًا. رفح وخان يونس ودير البلح أصبحت مدنًا من الخيام، تتجاور فيها المعاناة والعجز.

خريطة جديدة للمعاناة

لم تعد غزة تُقسَّم اليوم جغرافيًا فقط، بل إنسانيًا أيضًا. بين شمال محاصر وجنوب مكتظ، وبين من يبحث عن الماء ومن ينتظر الدواء، تتشكّل خريطة بشرية جديدة تُعاد رسمها كل يوم بدماء المدنيين.

النازحون الذين ظنّوا أن الجنوب أكثر أمنًا وجدوا أنفسهم في مواجهة جحيم آخر. كل موجة قصف كانت تعيد رسم مسار النزوح وتضيف طبقة جديدة من المآسي إلى المشهد العام.

اقتصاد تحت الركام

في زمن الحرب، يصبح البقاء رفاهية. ومع توقّف المصانع، وتدمير الأسواق، وانقطاع الكهرباء والماء، انهار اقتصاد غزة بالكامل. لم تعد هناك وظائف أو فرص رزق، بل طوابير طويلة أمام مراكز الإغاثة.

تضاعفت أسعار المواد الأساسية مرات عدّة، وتحول الخبز والماء إلى رمزين للصمود، بينما يعيش أغلب السكان في فقر مدقع، بعد أن ابتلع الحصار والدمار كل أشكال النشاط الاقتصادي الممكنة.

أزمة إنسانية بلا أفق

تدهورت البنية الصحية في القطاع إلى حدّ الانهيار. المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل بالكاد تستقبل المصابين وسط نقص حادّ في الأدوية والمستلزمات الطبية.

في الوقت ذاته، تتفاقم أزمة الجوع وسوء التغذية، إذ لا تدخل الإمدادات إلا بكميات محدودة لا تكفي احتياجات السكان. ومع انتشار الأمراض الناتجة عن تلوّث المياه وتكدّس القمامة، أصبح الخطر الصحي وجهًا آخر للحرب المستمرة.

ذاكرة من رماد

الجيل الجديد من أطفال غزة لم يعرف سوى أصوات الانفجارات. مدنهم تحوّلت إلى كتب مفتوحة من الحزن، وشوارعهم إلى معابر خوف. المدارس المهدّمة والملاعب المليئة بالحفر باتت رموزًا لجيل يتعلّم الحياة من بين الركام.

ومع كل يوم جديد، يكبر الخوف وتضيق مساحة الأمل، لكنهم ما زالوا يتشبّثون بالحياة، كما لو أن البقاء بحدّ ذاته شكل من أشكال المقاومة.

غزة… بعد الحرب

في ظلّ هذا الدمار الواسع، يتحدث الخبراء عن سنوات طويلة لإعادة الإعمار، إن حدثت أصلًا.

الموارد شحيحة، والبنية التحتية شبه منعدمة، والأنقاض المتراكمة تزن عشرات ملايين الأطنان.

لكن الأهمّ من إعادة البناء هو إعادة الإنسان نفسه، بعد أن فقد بيته وأمانه وأحلامه. فغزة اليوم ليست فقط مدينة مهدّمة، بل ذاكرة مثقلة تبحث عن معنى للحياة وسط الركام.