قالت حركة حماس إن وفدها المفاوض سيدرس بمسؤولية عالية المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار الذي طرحه الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
الاجتماع الذي ضمّ مسؤولين من قطر ومصر وتركيا مع وفد الحركة جاء في إطار نقاشات فنية تهدف إلى بلورة موقف نهائي من الخطة.
وأكد المصدر أن وفد حماس وعد بردّ رسمي في أقرب وقت ممكن بعد انتهاء مشاوراته مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، مشيراً إلى أن الجانب الأميركي منح الحركة مهلة لا تتجاوز أربعة أيام للردّ، وسط تحذيرات من أن رفض الخطة قد يضع الحركة أمام “وضع صعب للغاية”.
قطر: فرصة لإنهاء الحرب
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني عن أمله في أن ينظر الجميع إلى المبادرة الأميركية بشكل بنّاء، لافتاً إلى أنها تحمل هدفاً أساسياً يتمثل في إنهاء الحرب ومنع التهجير.
وأوضح الوزير القطري أن الخطة تحتوي على قضايا تحتاج إلى تفاوض وتفصيل، خاصة ما يتعلق بالانسحاب الإسرائيلي والإدارة الفلسطينية لقطاع غزة، لكنه أشار إلى وجود فرص حقيقية يمكن أن تساهم في تثبيت وقف إطلاق النار ومنح الفلسطينيين دوراً أكبر في إدارة شؤون القطاع.
تعديلات إسرائيلية تثير غضباً إقليمياً
وكشف موقع “أكسيوس” الأميركي أن الخطة التي أعلنها ترامب شهدت تعديلات جوهرية أدخلها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ما أدى إلى تغيير كبير في بنود الاتفاق الأصلي الذي وافقت عليه واشنطن وعدد من الدول العربية والإسلامية.
وتتضمن التعديلات ربط الانسحاب الإسرائيلي من غزة بتقدّم عملية نزع سلاح حماس، مع منح إسرائيل حق النقض “الفيتو” على أي مرحلة، إضافة إلى إبقاء قواتها في نطاق أمني داخل غزة إلى أجل غير مسمّى بحجة ضمان “الأمن الكامل”.
هذه البنود فجّرت غضباً واسعاً لدى دول عربية وإسلامية بينها السعودية ومصر والأردن وتركيا.
انقسام داخل إسرائيل
في المقابل، أثارت الخطة خلافات في الداخل الإسرائيلي، إذ نقلت صحيفة “يسرائيل هيوم” عن وزير الخارجية جدعون ساعر تأكيده أن أي تعديل على خطة ترامب يعني رفضها بشكل كامل.
أما وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير فاعتبر المقترح خطيراً على أمن إسرائيل ومليئاً بالثغرات، مؤكداً أنه لا يحقق الأهداف التي أعلنتها الحكومة منذ بداية الحرب.
كما دعت كتلة “عظمة يهودية” في الكنيست إلى اجتماع عاجل لمناقشة تداعيات المقترح الأميركي، وسط قلق متزايد بشأن الثمن الذي قد تدفعه إسرائيل مقابل استعادة أسراها لدى حماس.
الميدان يفرض إيقاعه
وبينما تتواصل النقاشات السياسية، كشف موقع “والا” الإسرائيلي عن استعدادات عسكرية لمزيد من التصعيد في قطاع غزة خلال الأيام المقبلة، مشيراً إلى أن الجيش الإسرائيلي لا يعتزم خفض وتيرة القتال حالياً.
وقال مسؤول أمني إسرائيلي للموقع إن طبيعة الردّ الذي ستقدمه حماس على الخطة الأميركية سيكون عاملاً حاسماً في تحديد مسار العمليات، مؤكداً أن “الخطط العسكرية جاهزة مسبقاً، وإذا جاء الردّ سلبياً فستتوسع العمليات بشكل أكبر”.
مستقبل مفتوح على كل الاحتمالات
وتعكس تصريحات حماس وما يتبعها من مشاورات إقليمية ودولية حجم التعقيد في المشهد. فبينما تُطرح الخطة الأميركية كفرصة محتملة لإنهاء القتال، فإن بنودها المثيرة للجدل والتعديلات الإسرائيلية عليها تجعل الطريق نحو اتفاق نهائي مليئاً بالعقبات.
وفي الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدولية على حماس لتقديم ردّ سريع، يبقى الميدان في غزة مرشّحاً لمزيد من التصعيد، الأمر الذي يضع مستقبل الصراع أمام مفترق طرق حساس، بين نافذة محتملة للتهدئة أو جولة جديدة من العنف قد تكون أكثر دموية.