في مشهد سياسي وأمني بالغ التعقيد، تقف بيروت أمام استحقاق مصيري يتعلق بملف السلاح خارج إطار الدولة، وعلى رأسه سلاح حزب الله.
فمع اقتراب موعد تسليم الجيش اللبناني خطته التنفيذية لحصر السلاح، تشتد الضغوط الدولية وتتداخل الحسابات الداخلية، ما يجعل السؤال الأبرز: “هل ينجح لبنان في حسم هذا الملف الشائك قبل نهاية 2025؟”.
واشنطن تدفع.. وإسرائيل تراقب
تشهد العاصمة اللبنانية حراكًا دبلوماسيًا لافتًا، مع تكثيف الولايات المتحدة زيارات مبعوثيها، الذين طرحوا ورقة متكاملة تهدف إلى ضبط السلاح في لبنان.
المبعوث الأميركي توم باراك عبر عن ارتياحه للرد اللبناني على المقترح الأميركي، معتبرًا أنه “مدروس ومتوازن”.
في المقابل، تترقب إسرائيل بحذر خطوات بيروت، حيث لمح رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إلى إمكانية تقليص الوجود العسكري الإسرائيلي جنوبًا في حال نجح لبنان في نزع سلاح حزب الله، لكنه أبقى الباب مفتوحًا أمام خيارات أكثر تصعيدًا إذا تعثرت الخطة.
بين الداخل والخارج.. مواقف متباينة
على الساحة اللبنانية، يظهر الموقف الرسمي أكثر انسجامًا، إذ يؤكد الرؤساء الثلاثة “الجمهورية والحكومة والبرلمان” التزامهم بحصرية السلاح بيد الدولة، مستندين إلى القرار 1701 والبيان الوزاري.
لكن في المقابل، لا يخفي حزب الله تمسكه بسلاحه، إذ صرح أمينه العام نعيم قاسم بأن المقاومة “لن تتخلى عن سلاحها ما لم تنسحب إسرائيل بالكامل وتوقف اعتداءاتها”.
المخيمات الفلسطينية.. اختبار أولي
ضمن المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح، بدأت السلطات اللبنانية بجمع الأسلحة من بعض المخيمات الفلسطينية، في خطوة رمزية لكنها تحمل دلالات كبيرة.
فقد استهلت العملية بمخيم برج البراجنة، وسط توقعات بممانعة من بعض الفصائل، غير أن خضوع حركة فتح للقرار قد يدفع باقي القوى إلى الالتزام، ما يفتح الباب أمام انتقال التجربة إلى ملفات أكثر تعقيدًا مثل سلاح حزب الله.
إيران تلوّح.. والبرلمان يحذّر
لم يغب العامل الإقليمي عن المشهد، فقد وصف مسؤول في الحرس الثوري الإيراني خطة نزع سلاح الحزب بأنها: “مؤامرة أميركية – إسرائيلية”، مؤكدًا أن المقاومة خط أحمر.
موقف أثار ردود فعل لبنانية غاضبة، إذ دعا نواب إلى رفع شكوى رسمية لمجلس الأمن ضد التدخل الإيراني في الشؤون الداخلية، معتبرين أنه انتهاك للسيادة اللبنانية والقرارات الدولية.
فرص التسوية.. وضغط الاقتصاد
يرى محللون، أن أي تقدم في ملف السلاح سيبقى مرهونًا بمعادلة أوسع، تربط بين الإصلاحات الاقتصادية وإعادة الإعمار من جهة، وإدارة ملف حزب الله من جهة أخرى.
الضغوط الدولية تمارس بشكل غير مباشر، عبر ربط المساعدات بمدى تقدم الدولة اللبنانية في استعادة سيادتها الأمنية.
وبين ضغوط واشنطن وحذر تل أبيب، وتمسك الحزب بسلاحه، يظل المشهد مفتوحًا على عدة احتمالات أبرزها تسوية تدريجية تدمج سلاح الحزب في استراتيجية دفاع وطنية، أو بقاء الوضع الراهن مع تصاعد الضغوط الاقتصادية والسياسية.