تتصاعد في محافظة تعز، وتحديدًا في مديرية الشمايتين، أصوات رافضة لما يصفه الأهالي بـ”الاستيلاء غير المشروع” على أراضي جبل صبران، التي يعود تاريخ ملكيتها لمئات السنين بوثائق شرعية معترف بها.
أبناء المنطقة، الذين يشددون على تمسكهم بالحلول القانونية، يرون أن ما يحدث يشكل محاولة سافرة لمصادرة حقوقهم التاريخية، وتهديدًا لركائز الدولة المدنية التي يسعى اليمنيون لتأسيسها بعد سنوات طويلة من النزاعات.
دور الإخوان في عسكرة الأراضي
جماعة الإخوان الإرهابية، عبر ذراعها السياسي والعسكري المتمثل بحزب الإصلاح، تسعى لتوظيف سيطرتها على بعض التشكيلات الأمنية في المحافظة، وعلى رأسها “القوات الخاصة”، لفرض وقائع جديدة على الأرض.
فبدلاً من أن تقوم هذه القوات بمهامها في حفظ الأمن، جرى تحويلها إلى أداة في خدمة مشروع حزبي ضيق، من خلال السيطرة على مساحات واسعة من جبل صبران وتحويلها إلى معسكرات مغلقة، ما حرم الملاك الأصليين من أراضيهم وحوّل المنطقة إلى بؤرة توتر قابلة للانفجار في أي لحظة.
تغيير الخريطة الاجتماعية بالقوة
ليست القضية مجرد نزاع على أراضٍ، بل تعكس – وفق مراقبين – محاولة منظمة لإعادة تشكيل الخريطة الاجتماعية في تعز. فالجماعة تدرك أن السيطرة على الجغرافيا توازي في أهميتها السيطرة على السياسة والاقتصاد.
ومن خلال إقصاء الملاك الشرعيين وإحلال نفوذها المسلح مكانهم، تسعى إلى خلق بيئة جديدة تدين بالولاء للإخوان، وتضعف في المقابل الروابط التقليدية التي لطالما شكلت صمام أمان للتعايش المجتمعي.
تهديد مباشر لسيادة القانون
الأهالي في الشمايتين يرون أن الأزمة تجاوزت مسألة نزاع محلي، لتصبح اختبارًا حقيقيًا لسلطة الدولة، فحين تستباح الملكيات الخاصة بعلم السلطات المحلية وعجزها عن التدخل، فإن الرسالة التي تُوجه للناس هي أن من يملك القوة هو من يملك الحق، لا من يحمل الوثيقة الشرعية، هذا التحدي يقوض الثقة بمؤسسات الدولة ويعزز مشاعر الإحباط، ما قد يفتح الباب أمام دوامة من الصراعات والثأرات الفردية.
مشروع أوسع من الأرض
استهداف جبل صبران ليس حدثًا معزولًا، بل جزء من سياسة ممتدة تتبعها جماعة الإخوان الإرهابية في أكثر من محافظة يمنية.
والهدف هو بناء مناطق نفوذ مغلقة تتحكم فيها الجماعة عسكريًا واجتماعيًا، وتوظيفها لاحقًا كورقة تفاوض في أي تسوية سياسية مقبلة، بهذه الطريقة، يصبح الاستحواذ على الأرض وسيلة لإعادة إنتاج مشروع الجماعة، حتى في ظل الرفض الشعبي المتزايد لهيمنتها.
خيارات الحل أمام السلطات
المطالب الشعبية في تعز تتركز على ضرورة تدخل الدولة لاستعادة الأراضي من قبضة حزب الإصلاح أو إيجاد حلول قانونية منصفة، سواء عبر الشراء المباشر من الملاك أو تعويضهم بشكل عادل.
غير أن غياب الحزم من قبل السلطات، والتردد في مواجهة التشكيلات المسلحة، يهددان بتوسيع الشرخ الاجتماعي وتعميق حالة الانقسام التي يعاني منها اليمن أصلًا.
أبعاد خطيرة على الاستقرار المحلي
استمرار هذا الوضع يهدد ليس فقط الاستقرار في الشمايتين، بل في تعز ككل، حيث قد يدفع السكان نحو خيارات أكثر تطرفًا لحماية حقوقهم.
كما أن تكريس واقع “القوة فوق القانون” يعيد إنتاج منطق الفوضى الذي غذى الحرب اليمنية منذ بداياتها، ويفتح الباب أمام نزاعات لا تنتهي حول الأرض والسلطة.