أصدرت منظمة العفو الدولية تقريرًا صادمًا اتهمت فيه إسرائيل باتباع سياسة ” تجويع متعمدة” ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مشيرةً أنّ ما يجري يتجاوز حدود الإهمال ليصل إلى تدمير منهجي للصحة والنسيج الاجتماعي والحياة اليومية.
التقرير استند إلى شهادات نازحين وأطباء يعالجون أطفالاً يعانون سوء التغذية الحاد، ليكشف صورة مأساوية عن أوضاع المدنيين تحت الحصار.
التقرير أشار إلى أنّ هذه السياسة ليست عرضية، بل “جزء من إستراتيجية متكاملة” تستهدف المدنيين عبر منع الغذاء والدواء، وهو ما دفع منظمات حقوقية إلى التحذير من أن ما يجري قد يرقى إلى جريمة حرب.
نصف مليون على شفا المجاعة
في السياق ذاته، أكد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أنّ نحو نصف مليون فلسطيني في غزة باتوا على شفا المجاعة، في وقت بلغ فيه عدد ضحايا الجوع 163 شخصًا، بينهم أطفال ونساء.
وأوضح البرنامج، أنّ المساعدات التي تصل حاليًا لا تمثل سوى 47% من الهدف اليومي المطلوب، ما يعني أن مئات آلاف العائلات لا تحصل على الحد الأدنى من احتياجاتها الغذائية.
كما شدد على أنّ وقف إطلاق النار هو السبيل الوحيد لتوسيع نطاق المساعدات وضمان وصولها إلى الفئات الأكثر تضررًا، فالمخابز التي يدعمها البرنامج متوقفة عن العمل، وتوزيع الوجبات الساخنة شبه معطّل، ما يفاقم الأزمة الإنسانية يومًا بعد آخر.
النساء والفتيات في مواجهة الخطر
وحذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” من أن أكثر من مليون امرأة وفتاة في غزة يواجهن خطر “مجاعة جماعية”.
وأشارت الوكالة، أن استمرار الحصار والحرب منذ 7 أكتوبر 2023 خلقا أوضاعاً إنسانية غير مسبوقة، خصوصًا فيما يتعلق بالنساء الحوامل والمرضعات اللواتي يفتقدن الغذاء الكافي للحفاظ على حياتهن وحياة أطفالهن.
وأكدت الوكالة، أنّ غياب الرعاية الصحية الأساسية وانقطاع سلاسل الإمداد الغذائية جعل الوضع أشبه بـ”كارثة إنسانية بطيئة”، محذّرة من أنّ انهيار الخدمات الأساسية قد يؤدي إلى ارتفاع معدلات الوفيات بشكل غير مسبوق.
شهادات من الميدان
تتحدث شهادات ميدانية جمعتها منظمات دولية عن مشاهد مأساوية داخل مراكز الإيواء والمستشفيات، أطفال بأجساد هزيلة يئنون من سوء التغذية، وأمهات يعجزن عن توفير حتى وجبة بسيطة لأسرهن.
ويقول أحد الأطباء العاملين في شمال غزة: إنّه “لم يعد يتعامل مع حالات سوء تغذية فقط، بل مع حالات جوع حاد تهدد الحياة بشكل مباشر”.
كما أشار نازحون إلى أنهم يضطرون لاستهلاك أوراق الشجر أو طحين ممزوج بالماء لسد رمقهم، في مشهد يعكس انهيار الأمن الغذائي بالكامل في القطاع.
ومع تصاعد التحذيرات، ترتفع الأصوات المطالبة بتحرك عاجل من المجتمع الدولي لوقف سياسة التجويع وضمان تدفق المساعدات.
منظمات إنسانية شددت على أن استمرار الوضع الحالي سيقود إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة في القرن الحادي والعشرين، وأن “المجاعة لم تعد احتمالاً، بل واقعًا يتفاقم كل يوم”.