ذات صلة

جمع

رئيس الأركان الإسرائيلي: قريبًا نبدأ مرحلة ثانية من “عربات جدعون” في غزة

أعلن رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير، أن...

أكاذيب سلطة بورتسودان.. سجل حافل من التضليل الإعلامي بين إنكار الحقائق وتصدير الأزمات

أحدثت ادعاءات الجيش السوداني بشأن تدمير طائرة إماراتية في...

مأرب على صفيح ساخن.. إلى أين تقود فضائح المخابرات الإخوانية؟

أحدثت شهادة سلطان نبيل قاسم، أحد ضحايا الانتهاكات على...

هل ينجح إخوان سوريا في العودة إلى المشهد عبر بوابة المعارضة؟

أثار البيان الأول لجماعة الإخوان الإرهابية في سوريا، بعد...

” سجن داخل المنازل”.. قيود جديدة من الحوثيين تخنق نساء اليمن

في خطوة وُصفت بأنها تصعيد غير مسبوق ضد النساء، كشفت وثيقة صادرة عن قيادة جماعة الحوثي والمشايخ الموالين لها بتاريخ 25 يوليو 2025، عن سلسلة من الإجراءات المشددة التي تحظر على النساء والفتيات امتلاك الهواتف الذكية، استخدام الإنترنت في المنازل، وتشغيل الموسيقى في المناسبات الاجتماعية.

والوثيقة التي تحمل توقيع مسؤولين محليين ومشايخ قبليين، تبرر هذه التدابير بأنها تهدف إلى “الحفاظ على الأخلاق والقيم”، غير أن منظمات حقوقية رأت فيها اعتداءً سافرًا على الحريات الشخصية، وتضييقًا متعمدًا على النساء.

غرامات مالية ومصادرة لأجهزة الاتصال

وتضمنت التعليمات الجديدة فرض غرامات باهظة تصل إلى 1900 دولار أمريكي (نحو مليون ريال يمني) على الأسر التي تسمح لأفرادها باستخدام الهواتف الذكية، كما مُنحت “القيادات القبلية” صلاحيات استثنائية تشمل مصادرة أجهزة الواي فاي (Wi-Fi) من المنازل، في انتهاك واضح للخصوصية.

ولم تتوقف الإجراءات عند هذا الحد، بل شملت أيضًا منع تشغيل الأغاني والموسيقى في حفلات الزفاف والخطوبة، وحظر استخدام مكبرات الصوت، مع التهديد بفرض غرامات مالية كبيرة على المخالفين.

قيود على الحركة والتنقل وفرض “المحرم”

وفرضت الوثيقة الحوثية حظرًا على تنقل النساء من الريف إلى المدن أو السفر لمسافات طويلة دون مرافقة “محرم” من الذكور، وفرضت غرامات تصل إلى 500 ألف ريال يمني على من يخالف هذا القرار، بما في ذلك سائقي المركبات.

كما تدخلت الجماعة بشكل مباشر في شؤون الأسرة اليمنية، عبر تحديد إجباري لمبالغ المهور سواء للفتيات الأبكار أو من سبق لهن الزواج، ما اعتبره ناشطون تعديًا على أعراف المجتمع وأشكال الزواج التقليدي.

غضب شعبي واسع واتهامات بـ”السجن الجماعي”

لذا أثارت هذه الإجراءات سخطًا شعبيًا واسعًا، خاصة في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، وأكدت شهادات محلية، أن من يرفض هذه التعليمات يتعرض للتهديد بالاعتقال والطرد من منزله وفرض الغرامات.

ووصفت ناشطات يمنيات هذه السياسة بأنها: “عقاب جماعي” و”سجن جماعي للنساء”، يحرمهن من أبسط حقوقهن في التواصل والتعليم والعمل والتنقل.

قيود متكررة.. واقع متدهور للمرأة اليمنية

وليست هذه المرة الأولى التي تفرض فيها جماعة الحوثي مثل هذه القيود، إذ سبق أن حظرت استخدام الهواتف الذكية في العاصمة صنعاء، وأجبرت الطالبات في المدارس على ارتداء “الشادور” الإيراني، في محاكاة لنموذج الحرس الثوري الإيراني.

ووفق تقرير صادر عن منظمة “هيومن رايتس ووتش”، فإن الجماعة تمضي قدمًا في تشديد سيطرتها على النساء، حيث تحظر عليهن السفر أو العمل في مجالات عديدة، لا سيما في القطاع الإنساني؛ ما أدى إلى تقليص فرص حصول النساء على الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل.

ووثقت المنظمة شهادات 21 امرأة يمنية تحدثن عن حجم المعاناة اليومية نتيجة هذه القيود، وأكدت أن كثيرًا منها ينتهك التزامات اليمن الدولية، بما في ذلك اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة) والعهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية.

انتهاكات ممنهجة منذ 2015

في سياق متصل، أشارت منظمة سام للحقوق والحريات إلى أنها وثّقت أكثر من 4000 انتهاك ضد النساء اليمنيات منذ عام 2015، تنوعت بين القتل والتعذيب والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وأكدت أن 70% من هذه الانتهاكات نُسبت مباشرة إلى جماعة الحوثي.

ومن جهتها، أكدت اللجنة الوطنية للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان أن النساء اليمنيات يعشن أوضاعًا “لا إنسانية”، وسط تراجع الاهتمام الدولي بملف اليمن، وغياب برامج التنمية والدعم المجتمعي.

تحوّل المجتمع إلى ساحة قمع مؤسسي

وتكشف القيود الأخيرة عن تصاعد نهج “التأديب المجتمعي” الذي تمارسه جماعة الحوثي بحق النساء اليمنيات، وتحوّل الحياة اليومية إلى سلسلة من الممنوعات والمراقبة والغرامات.

وفي ظل غياب الرقابة الدولية الفاعلة، وغياب صوت المجتمع المدني، تبقى النساء والفتيات في اليمن رهائن لمنظومة سلطوية تتغذى على القمع والوصاية الدينية والاجتماعية.