تشهد الساحة السياسية الأردنية حالة من التوتر، إثر سلسلة من الإجراءات القضائية والأمنية التي طالت شخصيات مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين، سواء بشكل مباشر أو من خلال الذراع السياسية المتمثلة بحزب جبهة العمل الإسلامي.
هذه التحركات تعيد إلى الواجهة ملف العلاقة الملتبسة بين الحزب والجماعة، وسط محاولات رسمية للفصل القانوني، يقابلها تمسّك من بعض الأوساط السياسية بالروابط الأيديولوجية والتنظيمية القديمة.
الإفراج عن أحد رموز جبهة العمل الإسلامي
ففي خطوة لافتة، قرر مدعي عام عمّان الإفراج بكفالة عن النائب ينال فريحات، أحد أبرز وجوه حزب جبهة العمل الإسلامي، بعد أيام من توقيفه بسبب منشور إلكتروني أُدرج تحت طائلة “الدعم لجماعة محظورة”، في إشارة واضحة إلى الإخوان المسلمين، وهو ما اعتُبر انتهاكًا لأحكام قانون الجرائم الإلكترونية.
ورغم أن التوقيف جاء بناءً على محتوى رقمي، فإن توقيته وسياقه يعكسان حساسية العلاقة المتواصلة بين الدولة الأردنية ومكونات التيار الإسلامي، خاصة في ظل الإرث القانوني والسياسي المعقد الذي خلّفه قرار القضاء الأردني عام 2020، والذي قضى بحل الجماعة واعتبارها كيانًا غير قانوني.
لكن ما يلفت الانتباه في هذه القضية، هو استمرار حزب جبهة العمل الإسلامي في ممارسة نشاطه البرلماني والسياسي، في وقت لم تُوجَّه له فيه اتهامات مباشرة، الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول موقع الحزب من الإطار القانوني المحيط بالإخوان، وما إذا كان يخضع لمرحلة مراقبة غير معلنة.
اعتقال الناطق باسم جماعة الاخوان الإرهابية
وفي سياق متصل، اعتقلت الأجهزة الأمنية الناطق الرسمي باسم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، معاذ الخوالدة، دون توجيه تهمة محددة أو السماح بتكفيله، بحسب ما أفاد به والده لوسائل إعلام محلية، ما يعزز الانطباع بأن التعامل مع رموز الجماعة ما يزال يجري وفق آلية أمنية مشددة.
حل جماعة الإخوان إعلانًا رسميًا
ومن جانبه، قال عضو مجلس الأعيان الأردني غازي الذنيبات: إن قرار حل جماعة الإخوان المحظورة يُعد إعلانًا رسميًا بزوالها قانونيًا وفعليًا، محذرًا من أنّ أي تمويل أو دعم للجماعة يقع تحت طائلة القانون، وأعرب عن استغرابه من استمرار بعض الجهات في دعمها، قائلاً: إن من يفعل ذلك “كمن فقد عقله”.
وشدد الذنيبات على أن أي دعوة للتبرع أو التأييد تُعد جريمة يعاقب عليها القانون، مشيرًا أنّ حكم محكمة التمييز عام 2022 أنهى شرعية الجماعة بشكل نهائي.
كما أوضح، أن الحصانة البرلمانية ليست مطلقة، وأن النائب يُحاسب في حال ارتكاب جنحة أو جناية.
واختتم بالتأكيد على أن شفافية تمويل الأحزاب شرط لاستمرارها، وأي مخالفة ستُقابل بالملاحقة القانونية.
وحسب مصادر مطلعة، فأن التحركات الأخيرة وإن جاءت تحت مظلة القانون، تفتح الباب أمام تساؤلات أوسع بشأن مستقبل التيار الإسلامي في الأردن، وحدود التحرك السياسي المسموح به، في ظل بيئة إقليمية ومحلية تتسم بالحذر من نشاط الحركات ذات الطابع الأيديولوجي، خاصة تلك التي تتبنى مرجعيات تنظيمية مثيرة للجدل.
كما انه يبدو أن الأردن يُعيد تموضعه في تعامله مع مكونات الإسلام السياسي، وسط مفارقة قانونية قائمة، جماعة محظورة بأحكام نهائية، وحزب سياسي ناشط يمثلها فعليًا داخل البرلمان، وهذا التناقض ما يزال دون حسم، ويُبقي الباب مفتوحًا أمام مزيد من الإجراءات أو الانفراجات.