دخلت مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف اليمنية، في حالة شلل تجاري شبه تام، بعد أن نفذ التجار إضرابًا شاملًا احتجاجًا على الجبايات المتصاعدة التي تفرضها جماعة الحوثي، والتي طالت حتى تسعيرة الكهرباء، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمثل أول ملامح العصيان المدني ضد ممارسات الجماعة في المحافظة.
زيادة تعسفية في تسعيرة الكهرباء
الإضراب الذي بدأ صباح اليوم جاء ردًا مباشرًا على قرار الميليشيا الحوثية برفع تسعيرة الكهرباء بشكل مفاجئ من 35 ريالًا يمنيًا إلى 170 ريالًا لكل كيلووات، أي بزيادة تتجاوز 380%.
القرار شكل عبئًا إضافيًا على كاهل أصحاب المحال التجارية الذين يعانون أصلًا من تضييق اقتصادي خانق بفعل الضرائب والمطالبات المالية المستمرة من سلطات الأمر الواقع.
بحسب مصادر محلية، لم تسبق الزيادة أي إشعارات رسمية أو مبررات واضحة، بل جرى تنفيذها بالقوة، في وقت خفضت فيه الجماعة ساعات التشغيل إلى بضع ساعات في المساء فقط، ما فاقم معاناة المواطنين والتجار على حد سواء، لا سيما في ظل موجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة.
تجاوب واسع ورسالة واضحة
شهد الإضراب استجابة واسعة من قبل مختلف فئات التجار وأصحاب الأنشطة التجارية، حيث أغلقت معظم المحلات في أسواق المدينة أبوابها بالكامل، في مشهد عكس حجم الاحتقان المتزايد ضد الممارسات الجبائية التي تنتهجها الجماعة الحوثية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وبحسب ما أفادت به المصادر، فإن التجار وجهوا رسالة واضحة للسلطات الحوثية بأن الوضع الاقتصادي لم يعد يحتمل، وأن استمرار هذه السياسات قد يؤدي إلى انهيار الحركة التجارية بشكل كلي، بما يشمل فقدان الوظائف وتفاقم البطالة.
جبايات متعددة وواقع خانق
رفع تعرفة الكهرباء ليس إلا حلقة جديدة في سلسلة من الإتاوات والضرائب غير القانونية التي تفرضها الميليشيا على سكان الجوف، حيث تشمل الجبايات رسومًا على النقل، وترخيص المحلات، والسلع المستوردة، وأحيانًا حتى على المولدات الخاصة.
وتتهم الجماعة الحوثية باستخدام هذه الأموال في تمويل عملياتها العسكرية وتعزيز نفوذها الأمني على حساب الخدمات الأساسية للمواطنين، وسط غياب أي رقابة أو محاسبة.
يقرأ مراقبون هذا الإضراب كعلامة فارقة في المزاج الشعبي داخل مدينة الحزم، حيث يتزايد الشعور بأن المعاناة المعيشية تجاوزت الخطوط الحمراء.
فبعد سنوات من الصمت والتأقلم مع الظروف القاهرة، بات المواطنون – وخاصة التجار – أكثر استعدادًا لمواجهة السياسات الحوثية ولو بأساليب سلمية مثل الإضراب.
وفي حين لم تصدر الجماعة الحوثية أي رد رسمي حتى الآن، فإن الإضراب يمثل ضغطًا مجتمعيًا متصاعدًا، قد يدفعها إلى مراجعة بعض من سياساتها أو التعامل بقسوة مضاعفة، كما جرت العادة في مناطق أخرى.