ذات صلة

جمع

الموساد يتسلل إلى عمق الحزب.. هل انهار الجدار الأمني لحزب الله؟

في تطور خطير يعكس الاختراق الأمني العميق داخل صفوف...

نتنياهو يقود إسرائيل إلى عزلة غير مسبوقة.. “تسونامي دبلوماسي” يضرب تل أبيب

تشهد إسرائيل في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أزمة...

من الأحياء إلى المنصات.. خريطة تمدد الإخوان داخل فرنسا

لم تكن فرنسا بمنأى عن مشروع جماعة الإخوان الإرهابية،...

طرابلس على صفيح ساخن.. “جمعة الخلاص” تشعل الاحتجاجات ضد حكومة الدبيبة وسط تحريض من الغرياني

تشهد العاصمة الليبية طرابلس تصاعدًا في الدعوات الشعبية للخروج...

طرابلس على صفيح ساخن.. “جمعة الخلاص” تشعل الاحتجاجات ضد حكومة الدبيبة وسط تحريض من الغرياني

تشهد العاصمة الليبية طرابلس تصاعدًا في الدعوات الشعبية للخروج في مظاهرات حاشدة يوم الجمعة، تحت شعار “جمعة الخلاص”، للمطالبة برحيل حكومة عبد الحميد الدبيبة، وتأتي هذه الدعوات في ظل استياء شعبي واسع من الفوضى الأمنية، وتغلغل الميليشيات، وغياب الأفق السياسي؛ مما يعمّق مشاعر الغضب بين المواطنين في مختلف أنحاء البلاد.

“جريمة” التصدي للاحتجاجات السلمية

وقد دعت بلدية سوق الجمعة، الإثنين، إلى اعتصام مدني مفتوح في عموم ليبيا، ووصفت التصدي للاحتجاجات السلمية بأنه “جريمة”، مؤكدة أن هذا الحراك لا يستهدف جهة بعينها بل يطالب بإسقاط ما وصفته بـ”الحكومة الفاسدة”.

وفي اليوم التالي، أصدر عمداء 30 بلدية بيانًا مشتركًا طالبوا فيه الدبيبة بمغادرة السلطة فورًا، محملين إياه مسؤولية “العبث بمصير الليبيين من أجل مصالح شخصية”.

الغرياني يهاجم المحتجين ويدافع عن حكومة الدبيبة

وفي تطور أثار موجة من الغضب، شن المفتي الليبي المعزول صادق الغرياني، المعروف بقربه من جماعة الإخوان المسلمين، هجومًا لاذعًا ضد المتظاهرين المطالبين برحيل الحكومة، ووصفهم بأنهم “غير شرعيين”، معتبرًا أن من يشارك في التظاهرات أو يدعمها “سيموت ميتة جاهلية”، بحسب تصريحاته عبر قناة “التناصح” التابعة لنجله سهيل الغرياني.

وأكد الغرياني دعمه لحكومة الدبيبة، مبررًا موقفه بأن الليبيين “أمام خيارين أحلاهما مرّ”، وأن دعم الحكومة لا يعني الرضا عن فسادها، بل هو رفض لبدائل أكثر سوءًا -على حد قوله-، كما هاجم اللجنة الاستشارية التابعة للأمم المتحدة ونتائج مداولاتها، متهمًا التقرير الذي يسمح بترشح خليفة حفتر للانتخابات الرئاسية بأنه “هراء وظلم”، وموجهًا انتقادات لاذعة لرئيس مجلس النواب عقيلة صالح.

استقالات وزارية وتوسع دائرة الاحتجاجات

بينما أسفرت الاحتجاجات التي شهدتها طرابلس خلال يومي الخميس والجمعة الماضيين عن تقديم ثلاثة وزراء لاستقالاتهم، هم وزير الحكم المحلي بدر الدين التومي، ووزير الإسكان والتعمير أبوبكر الغاوي، ونائب رئيس الحكومة ووزير الصحة المكلف (الموقوف عن العمل في قضايا فساد).

وتعكس الاستقالات حجم الضغط الشعبي والغضب المتنامي من أداء الحكومة، في ظل اتهامات متكررة لها بـسوء الإدارة واستشراء الفساد، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع المعيشية في أنحاء متفرقة من البلاد، خصوصًا في الجنوب الليبي الغني بالنفط، حيث تعاني مناطق مثل الشرارة والفيل من نقص الخدمات والوقود.

الانتخابات المعطلة.. وقود الغضب الشعبي

وتعتبر إحدى أبرز أسباب الاحتجاجات هي حالة الجمود السياسي المستمر منذ عام 2021، حين تعثرت الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي كانت مقررة في 24 ديسمبر.
ويخشى الليبيون من تأجيل إضافي لهذه الانتخابات؛ مما يبدد آمالهم في تحقيق انتقال ديمقراطي سلمي.

وقدمت بعثة الأمم المتحدة مؤخرًا تقريرًا عن مقترحات اللجنة الاستشارية التي تضم 20 شخصية ليبية، والتي ناقشت أربعة سيناريوهات ممكنة لإنهاء الانقسام، منها إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بشكل متزامن، والبدء بالانتخابات البرلمانية أولًا، واعتماد دستور دائم قبل أي انتخابات، وتشكيل لجنة حوار سياسي لوضع اللمسات النهائية على القوانين والدستور.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011، تعيش ليبيا انقسامًا سياسيًا حادًا، بوجود حكومتين متنافستين حكومة عبد الحميد الدبيبة في طرابلس، والتي انتهت مدتها القانونية، وحكومة أسامة حماد في الشرق، المدعومة من البرلمان، وهذا الانقسام أدى إلى شلل مؤسسات الدولة وعطّل أي جهود لإجراء انتخابات وطنية شاملة.

الميليشيات والتدخلات الأجنبية.. جراح مفتوحة

ومن أبرز المآخذ الشعبية على حكومة الدبيبة، سماحها بتوسع نفوذ الميليشيات المسلحة، التي باتت تتحكم في مفاصل القرار داخل العاصمة طرابلس، وقد أقرّ الدبيبة بذلك في خطاب له الأحد، مشيرًا أن بعض المجموعات المسلحة أصبحت “أكبر من الدولة”، مستغلة غياب الرقابة وضعف المؤسسات.

ومن جانبه، اتهم رئيس مجلس النواب عقيلة صالح حكومة الدبيبة بأنها “شرعنت الميليشيات الخارجة عن القانون”، مطالبًا برحيلها فورًا.

وفي المقابل، يرى مراقبون أن صادق الغرياني أصبح يشكل عبئًا متزايدًا على المشهد الوطني، إذ يستغل موقعه الديني السابق في تحريض الشارع ضد أي دعوات للتغيير، عبر توظيف خطاب ديني متشدد.

إلى أين تتجه ليبيا؟

وفي ظل هذا المشهد المحتقن، تتصاعد المخاوف من انفجار شعبي قد يتطور إلى صدام مسلح، ما لم يتم الاستجابة لمطالب الشارع، والحد من هيمنة الميليشيات، وإعادة إطلاق العملية السياسية برعاية أممية حقيقية تضمن التمثيل العادل وتحقيق الإرادة الشعبية.

ووفق محللين سياسيين، فإن المطلوب اليوم هو مقاربة شاملة للأزمة الليبية، تضع حدًا للفوضى، وتعالج جذور الأزمة السياسية والأمنية، بعيدًا عن الاستقطاب، وتعيد بناء الدولة على أسس شفافة وديمقراطية.

spot_img