ذات صلة

جمع

بين الحرب والمناخ.. نازحو اليمن في مواجهة الموت البطيء

بينما تنشغل الأطراف المتصارعة في اليمن بالحرب والسياسة، يخوض...

“طرابلس بعد غنيوة.. الدبيبة يُعيد رسم خريطة النفوذ في ليبيا”

في مشهد يعكس طبيعة التحالفات المؤقتة والمضطربة داخل المشهد...

ضغوط غير مسبوقة على إسرائيل وتلميحات بعقوبات.. هل تنجح في وقف حرب غزة؟

في تطور لافت، يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو...

خامنئي يشكك في فرص نجاح المفاوضات النووية.. هل تمهّد إيران لفشل محسوب؟

أطلق المرشد الأعلى الإيراني، علي خامنئي، تصريحات لافتة تُظهر...

بين الحرب والمناخ.. نازحو اليمن في مواجهة الموت البطيء

بينما تنشغل الأطراف المتصارعة في اليمن بالحرب والسياسة، يخوض مئات الآلاف من النازحين معركة يومية للبقاء، وسط بيئة عدائية لا تفرق بين القصف والفيضان، ولا تميز بين رصاصة طائشة ونار تشتعل في خيمة مهترئة.

حيث تعيش عشرات الآلاف من الأسر اليمنية في ظروف لا تليق بالبشر، داخل مخيمات نزوح مؤقتة تحولت إلى مقابر مفتوحة بفعل المناخ القاسي والإهمال المزمن.

الحرائق والفيضانات وجهًا آخر للحرب

في مأرب وحدها، المدينة التي تحتضن أكبر عدد من النازحين في البلاد، أصبحت الحرائق والفيضانات وجهًا آخر للحرب، لكن هذه المرة من صنع الطبيعة لا البنادق.

حيث أكدت تقارير دولية، أن نحو 40% من مواقع النزوح في اليمن تقع ضمن مناطق عالية الخطورة، سواء بسبب السيول الموسمية أو الحرائق التي تندلع نتيجة اشتعال مواد بسيطة داخل مساكن من القش والبلاستيك.

وأشارت التقارير، أن الخطر لا يفرق بين الصغار والكبار، ويقتحم حياة النازحين في لحظة، كما فعل الأسبوع الماضي حين التهمت النيران خيمة صغيرة كانت تسكنها طفلة لم تتجاوز عامها الثالث.

مأرب في الواجهة.. حريق يسبق كل صباح

ومنذ بداية العام الجاري، وثقت جهات محلية أكثر من 45 حادثة حريق في مخيمات مأرب وحدها، وهو رقم يكشف عن أزمة مركبة تتداخل فيها هشاشة البنية التحتية مع غياب التدخلات العاجلة.

معظم الضحايا كانوا من الأطفال والنساء وكبار السن، أي الفئات التي لا تملك القدرة على الهروب أو مقاومة الكوارث.

وفي العام الماضي فقط، اشتعلت النيران أكثر من 200 مرة في هذه المخيمات، وكانت النتيجة مأساوية، ثلاث وفيات، وعشرات المصابين، وبيوت محترقة لا تعوضها أي مساعدات.

الكارثة لا تتوقف هنا، فالسيول التي تضرب بعض المخيمات في موسم الأمطار تنقل المعاناة إلى مستوى آخر، حيث تغرق الخيام، وتتلف المواد الغذائية، وتنتشر الأمراض بسبب تلوث المياه وغياب الصرف الصحي.

النازحون لا يملكون بدائل، هم هاربون من الحرب، لكنهم يقعون أسرى لمخاطر جديدة، لا تقل فتكاً، لا سقف يحميهم، ولا أرض صلبة تحت أقدامهم، ولا أدوات للنجاة، سوى الانتظار والصبر.

بين الإغاثة المحدودة والإهمال المزمن

رغم الجهود التي تبذلها بعض المنظمات الإنسانية لتوفير وسائل الحماية والتدريب على التعامل مع الحرائق، إلا أن حجم الأزمة يفوق بكثير الإمكانيات المتاحة.

المخيمات المنتشرة في مأرب وشبوة والحديدة وتعز وغيرها من المناطق، تفتقر إلى الحد الأدنى من البنية التحتية التي تضمن سلامة قاطنيها.

ما يزيد الوضع تعقيدًا هو أن هذه الكوارث المتكررة تأتي في ظل تراجع المساعدات الإنسانية، وانشغال الجهات الرسمية بالأزمات السياسية، بينما يترك النازحون ليواجهوا مصيرهم بأيديهم.

الواقع الميداني يشير أن الأوضاع في مخيمات النزوح لم تعد مجرد أزمة طارئة، بل تحولت إلى نمط حياة يومي قائم على المعاناة والخطر.

مع استمرار الصراع وتفاقم آثار التغير المناخي، تبدو الصورة قاتمة، ولا تلوح في الأفق أي بوادر لتغيير حقيقي.

في اليمن، النزوح لم يعد انتقالاً من منطقة إلى أخرى، بل أصبح رحلة مستمرة من خطر إلى آخر.

spot_img