خلف القضبان وبعيدا عن الأسوار، سُلبت منهم الحرية وحُجب عنهم العالم، لينظروا له عبر نوافذ ضيقة، ويتعرضوا لانتهاكات ومعاناة مريرة، فتكت ببعضهم، بينما تمكن عدد قليل من النجاة منها ليوثقوا حكايات القمع والألم في السجون القطرية، التي لم تفرق بين قطري وأجنبي وحتى أفراد العائلة المالكة.
بين العديد من الحكايات التي وثقت الانتهاكات والجرائم في السجون القطرية، ظهر الوجه الخفي لتنظيم الحمدين، الذي يدعي إقامة دولة على أسس حقوق الإنسان والمساواة والحياة الكريمة، بينما تخلو تماما من ذلك، ويتفشى الخداع والمعاناة، وهو ما كان محل مطالبات دولية وحقوقية عديدة للتحقيق في تلك الانتهاكات المتكررة، فضلا عن مطالبة سلطات الدوحة بالالتزام بمعايير حقوق الإنسان والتوقف عن تلك الانتهاكات والمحاسبة.
ولعل أشهر تلك المآسي، هي التي سجلها جون بيير مارونجي، سجين فرنسي سابق بسجون قطر، في كتابه “نوفو أوتير” أي ما يعني نهاية طريق الجحيم القطري، الذي كشف فيه المعاناة التي تعرض لها في السجن وانتهاكات النظام القطري لحقوق السجناء، وتورط أفراد من الأسرة الحاكمة القطرية آل ثاني في حالات تعذيب أدت إلى الوفاة، موضحا أنه تم سجنه بتهمة توقيع شيكات بدون رصيد زورا، لخلاف مع شريكه من أحد أعضاء الأسرة القطرية الحاكمة المقربة من الأمير تميم بن حمد.
وقال مارونجي في كتابه: إنه قضى “1744 يوما بسجن في قطر، 5 سنوات من حياة مسلوبة، تتنافى مع أبسط حقوق الإنسان”، مضيفا أن سجون الدوحة تقسم المعتقلين بين مسلمين وأجانب، فيجبر المسلمون على إطلاق اللحى، ويفرض على الأجانب دفع ضريبة عدم دخولهم الإسلام.
تضم الزنزانة الواحدة في السجن أكثر من 40 فردا، بينما من المفترض أن يتواجد بها 8 أو 12 سجينا، لدرجة تدفع البعض للنوم على الأرض، بينما كان يلقي الحراس لهم بالطعام بطريقة متجردة من الآدمية، فضلا عن إقدامهم على قتل بعض السجناء وترك جثثهم على الأرض، هي الحياة التي عاش فيها السجين الفرنسي بقطر.
لم يقتصر الأمر على مارونجي فقط، وإنما توجد مأساة أخرى مثيرة للجدل بشدة، وهي أن الشيخ طلال آل ثاني، حفيد مؤسس قطر، يقبع خلف السجن بعد مؤامرة كيدية حاكها نظام تميم بن حمد، ويتم الحكم عليه تعسفيا بالسجن لمدة 22 عاما، ليعاني بشدة من انعدام الرعاية الطبية له، رغم مرضه البالغ، لتثور زوجته أسماء ريان، في مختلف المحافل الدولية في محاولة لإنقاذه.
ويعاني الشيخ طلال آل ثاني المعتقل بسجون قطر من ظروف صحية صعبة؛ ما يسبب تدهور أوضاعه جراء التعذيب وسوء المعاملة في السجن، بعد تلفيق قضايا له بدوافع سياسية، ليسارع تنظيم الحمدين لإخفاء جريمته عبر إرسال رسائل تهديدية لزوجته.
وسبق أن توفي المواطن القطري أحمد طاهود، داخل سجن بالدوحة، في مايو الماضي، بسبب تعرضه للاعتداء والتعذيب على أيدي رجال شرطة بالبلاد، وسبقه مقتل الصحفي المعارض القطري فهد بوهندي، في سجن “الهامور” القطري، متأثرا بإصابات بالغة لحقت به جراء تعذيبه على يد ضباط في أجهزة الأمن خلال شهر أبريل الماضي.
وفي أكتوبر 2020، انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن شهود عيان كشفوا عن كارثة بسجن الدوحة المركزي بوفاة اثنين من السجناء إثر تعرضهما للتعذيب، حيث رجح أنهما من أفراد الأسرة الحاكمة.