ذات صلة

جمع

“هجوم إلكتروني ضخم على إيران.. واتهامات تلاحق إدارة ترامب وإسرائيل”

أعلنت وكالة “تسنيم” الإيرانية شبه الرسمية، اليوم الاثنين، نقلًا...

سقوط الأقنعة.. محاكمات التسفير تهز عرش الإخوان في تونس

تعيش تونس هذه الأيام على وقع محاكمات تاريخية، كشفت...

إخلاء قسري وخوف في صنعاء.. الحوثيون يواجهون اختبار البقاء

تعيش العاصمة اليمنية صنعاء حالة متفاقمة من التوتر والخوف...

سقوط الأقنعة.. محاكمات التسفير تهز عرش الإخوان في تونس

تعيش تونس هذه الأيام على وقع محاكمات تاريخية، كشفت عن الوجه الحقيقي لتنظيم الإخوان الذي ظل لسنوات يتوارى خلف الشعارات الزائفة.
فمع تقدم مسار التحقيقات في ملف التسفير إلى بؤر التوتر، بدا واضحًا أن البلاد بصدد تصفية واحدة من أكثر الحقبات سوادًا في تاريخها الحديث.

قضية التسفير لم تعد مجرد اتهام سياسي أو مناوشة حزبية، بل أصبحت جريمة وطنية بامتياز، تكشف حجم الخراب الذي خلفته السياسات الممنهجة لإغراق الشباب التونسي في أتون الحروب الخارجية.

العريض في قلب الإعصار

على رأس قائمة المتهمين، يبرز اسم علي العريض، أحد أبرز رموز حركة النهضة، الذي تقلد مناصب عليا شملت وزارة الداخلية ورئاسة الحكومة.

اليوم، يجد العريض نفسه محاصرًا بالأدلة والشهادات حول مسؤوليته في تسهيل مغادرة مئات التونسيين نحو ساحات القتال في سوريا وليبيا والعراق.

كان العريض لسنوات طويلة يوظف خطاب الاعتدال والمظلومية لكسب شرعية سياسية داخلية ودولية. إلا أن مجريات المحاكمة الأخيرة عرّت تلك الصورة، وكشفت أن خلف قناع البراءة تقبع مسؤولية ثقيلة عن تهريب الشباب إلى جماعات إرهابية متطرفة.

شبكات عابرة للحدود

التحقيقات أظهرت أن عمليات التسفير لم تكن نتيجة قرارات فردية أو مبادرات معزولة، بل كانت جزءًا من منظومة كاملة استغلت المنافذ الجوية والبرية، واستفادت من حالة الانفلات الأمني والسياسي التي شهدتها تونس عقب 2011.

تحدث تقارير موثوقة عن تسهيلات قدمت في مطار قرطاج ومراكز حدودية أخرى، بينما كان يتم التغاضي عن تحركات مريبة لأفراد وجماعات مرتبطة بالتنظيمات الإرهابية. هذه الشبكات لم تكن لتزدهر دون دعم سياسي وتواطؤ مؤسساتي مفضوح.

انهيار خطاب “الضحية”

مع اقتراب النطق بالأحكام، لجأ الإخوان مجددًا إلى أسلوبهم القديم في استدرار العطف الشعبي عبر رسائل استعطاف وعزف على وتر المظلومية. إلا أن الشارع التونسي، الذي ذاق مرارة الخداع لعقود، لم يعد يستجيب بسهولة لهذه المسرحيات المستهلكة.

بات من الواضح أن الوعي العام تجاوز مرحلة التأثر بالشعارات البراقة. فاليوم، تطالب الأغلبية بمحاسبة حقيقية لكل من تسبب في تهديد الأمن القومي وجر الشباب إلى مصائر مأساوية.

تداعيات أبعد من تونس

لا تقتصر أهمية محاكمات التسفير على الداخل التونسي، بل تمتد آثارها إلى المحيط الإقليمي والدولي. إذ تمثل هذه القضايا اختبارًا حقيقيًا لقدرة دول المنطقة على اجتثاث جذور الإرهاب ومحاسبة المتورطين دون مجاملة أو تساهل.

وتحظى هذه المحاكمات باهتمام مراقبين دوليين يرون فيها فرصة لترسيخ ثقافة المساءلة السياسية والقضائية في بلد كان يُنظر إليه لسنوات باعتباره “نموذجًا للانتقال الديمقراطي”، رغم أن الواقع أظهر العكس في بعض مراحله.

تونس الجديدة.. لا مكان للإفلات من العقاب

رسالة المحاكمات واضحة: لا أحد فوق القانون. فاليوم، تسعى تونس لبناء دولة مؤسسات حقيقية، تضع حدًا لاستغلال الدين في السياسة، وتجفف منابع التطرف والإرهاب.

وإذ تترقب الأوساط التونسية صدور الأحكام خلال الأيام المقبلة، يبدو أن سقوط الأقنعة قد بدأ بالفعل، ومعه تسقط أسطورة “الضحية البريئة”، ليحل محلها مشهد العدالة العادلة، مهما تأخر أو تعثر الطريق إليها.

spot_img