ذات صلة

جمع

صفقة أميركية إيرانية مرتقبة.. هل تدفع سوريا واليمن والعراق الثمن؟

في مشهد يعكس تناقضات السياسة الدولية، تلوح في الأفق...

صفقة أم صدمة؟ ترامب يعيد تشكيل المسار النووي مع إيران

في مقابلة أجراها مع مجلة “تايم” في 22 أبريل...

الهند وباكستان على حافة الحرب النووية.. كشمير تُعيد شبح الدمار الشامل

في تصعيد خطير، شهدت منطقة كشمير الخاضعة للسيطرة الهندية...

“العودة عبر الفوضى”.. كيف يُخطط إخوان الخارج لإشعال الداخل العربي من جديد؟

في أعقاب القرار الأردني بحظر جماعة “الإخوان المسلمين” ومصادرة...

في ظل غياب أمريكا.. دول الشمال الأوروبي تتصدر جبهة الردع ضد روسيا

تستعد دول الشمال الأوروبي: فنلندا، الدنمارك، السويد، والنرويج، لمواجهة التهديدات الروسية بشكل جماعي، في وقت تتراجع فيه الضمانات الأمنية الأمريكية، خاصة مع الشكوك المحيطة بمواقف الرئيس الأمريكي السابق والمرشح المحتمل دونالد ترامب، بحسب ما أفادت صحيفة وول ستريت جورنال.

وهذه الدول التي عُرفت تاريخيًا بثقافة السلام وعيش الرفاهية، تتخلى تدريجيًا عن صورتها التقليدية، وتتبنى دورًا أكثر فاعلية في المجال العسكري، مما يجعلها نموذجًا ملهمًا للدفاع الأوروبي المعاصر.

دعم عسكري قوي لأوكرانيا وهيكل أمني جديد

تُعد الدول الأربع من بين أكبر الداعمين العسكريين لأوكرانيا على مستوى الفرد، كما بدأت بالفعل في بناء منظومة أمنية إقليمية جديدة تقلل اعتمادها على المظلة الأمريكية.

ورغم أن كل دولة على حدة لا تملك القدرة على مواجهة روسيا عسكريًا، فإن اتحادها يغيّر المعادلة: اقتصاد هذه الكتلة يعادل تقريبًا اقتصاد روسيا، ويكافئ حجم اقتصاد المكسيك، ومع انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو، باتت هناك تنسيقات دفاعية حقيقية على الأرض.

تفوق صناعي وعسكري متنوع

تتميز السويد بصناعة دفاعية متطورة تشمل الغواصات والدبابات والمقاتلات النفاثة، بينما تتمتع النرويج بقدرات رصد بحرية وقتالية متقدمة في منطقة القطب الشمالي.

أما فنلندا، فتمتلك واحدًا من أكبر الجيوش الأوروبية على أساس نسبة السكان، مع قدرة تعبئة سريعة تبلغ 280 ألف جندي واحتياطي بشري يصل إلى نحو 900 ألف فرد.

وتملك الدنمارك قوات خاصة مخضرمة شاركت في مهام معقدة بأفغانستان والعراق لعقود، ما يمنحها خبرة ميدانية فريدة.

وفي المقابل، تظل آيسلندا — الدولة الخامسة في شمال أوروبا — الدولة الوحيدة بدون جيش نظامي أو قاعدة صناعية دفاعية.

مخاوف استخباراتية وتعزيز للتكامل العسكري

تشير تقييمات استخباراتية دنماركية حديثة إلى إمكانية اندلاع حرب كبرى بين روسيا ودولة أو أكثر من دول الناتو خلال 3 إلى 5 سنوات، وهذه النظرة تتطابق مع تقديرات دول البلطيق، لكنها أكثر تشاؤمًا من مواقف بعض عواصم أوروبا الغربية.

وفي تطور تاريخي، قال ينس ستولتنبرغ، الأمين العام السابق للناتو ووزير المالية النرويجي الحالي: “لدى دول الشمال الأوروبي الآن سياسة أمنية موحدة لأول مرة منذ اتحاد كالمار في القرن الخامس عشر”.

وشهد العام 2023 إنشاء قيادة جوية مشتركة لهذه الدول، كما تم الإعلان عن رؤية دفاعية موحدة تمتد حتى عام 2030، في إطار مبادرة “نورديفكو”.

من التحييد إلى التسلح النووي؟

تشير الصحيفة إلى أن هذا التحول ليس وليد اللحظة، بل هو نتيجة مسار تصاعدي مستمر، فالسويد باتت من أبرز الدول المصدرة للمعدات العسكرية المتطورة، أبرزها دبابة “ستريدسفاجن 122″، ومركبة “CV90” القتالية.

أما النرويج، فهي تملك أكبر صندوق سيادي في العالم بقيمة 1.5 تريليون دولار، ما يعزز قدرتها على الإنفاق العسكري طويل الأمد.

والدنمارك من جهتها، اتخذت موقفًا أكثر جرأة؛ ففي مارس الماضي، لم تستبعد رئيسة وزرائها، ميت فريدريكسن، استضافة أسلحة نووية أمريكية على أراضيها، في تحول جذري لسياساتها الدفاعية.

مصير مشترك ولكن أولويات مختلفة

ورغم وحدة الموقف حاليًا، قد تختلف المسارات المستقبلية لدول الشمال؛ فبينما أبدت الدنمارك والسويد استعدادًا للمشاركة في قوات حفظ سلام بعد انتهاء الحرب في أوكرانيا، تُفضل فنلندا — التي تشارك روسيا أطول حدود برية أوروبية بطول 830 ميلًا — إبقاء قواتها داخل الوطن.

وتختم الصحيفة بالقول إن “الكتلة الشمالية الأوروبية” قد تتحول إلى نموذج يُحتذى به لتجمعات إقليمية أخرى، كدول البحر الأسود، بل وقد تكون بوليصة تأمين استراتيجية مستقبلية في حال تقلص الالتزام الأمريكي تجاه الحلفاء الأوروبيين، خاصة في ظل عودة محتملة لترامب إلى البيت الأبيض.

تجدر الإشارة إلى أن التعاون الدفاعي بين دول الشمال الأوروبي لا يقتصر على الإطار الأوروبي فقط، بل يمتد إلى تنسيقات ثلاثية مع الولايات المتحدة وبريطانيا عبر “مبادرة القوة المشتركة”، التي تشمل تمارين وتنسيقًا عملياتيًا في المحيط الأطلسي وبحر الشمال والقطب الشمالي، ما يعزز قدرة الردع الجماعي في مواجهة أي تهديدات محتملة.

spot_img