وصل وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى العاصمة الإيطالية روما، حيث تبدأ اليوم جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي الإيراني، في ظل تصاعد الضغوط السياسية والتوتر العسكري بين الجانبين.
تأتي هذه المحادثات بوساطة وزير خارجية سلطنة عمان، بدر البوسعيدي، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين طهران وواشنطن.
ووفق ما أكدته الخارجية الإيرانية، تعقد هذه الجولة الثانية في دارة السفير العماني في روما، بعد جولة أولى استضافتها مسقط الأسبوع الماضي.
وأفادت مصادر دبلوماسية، أن اللقاءات الحالية تهدف إلى الاتفاق على جدول زمني واضح للمفاوضات، وقد تسفر عن ملامح إطار عام لاتفاق جديد، بحسب ما نقلته صحيفة وول ستريت جورنال.
إيران.. واقعية مقابل مرونة
في تصريحات سبقت مغادرته موسكو، حيث التقى بنظيره الروسي سيرغي لافروف، أبدى عراقجي استعداد بلاده “للتوصل إلى حل سلمي ومتوازن” بشأن الملف النووي، مؤكدًا أن “الاتفاق ممكن إذا تحلت واشنطن بالواقعية”.
الرسالة حملها إلى روما، في وقت تراهن فيه طهران على ما وصفته بـ”جدية ملحوظة” من الجانب الأميركي خلال المحادثات السابقة.
رغم اللهجة الإيجابية، لم تخف طهران تمسكها بـ”الخطوط الحمراء”، إذ أكد مسؤول إيراني رفيع، أن بلاده “لن توافق مطلقًا على تفكيك أجهزة الطرد المركزي، أو وقف التخصيب، أو تقليص مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما دون ما نص عليه اتفاق 2015”.
كما شدد على أن القدرات الصاروخية لإيران “ليست محل تفاوض بأي حال من الأحوال”.
المناورة الأميركية والغموض في النوايا
من جانبها، أبدت الخارجية الإيرانية توجسها من المواقف الأميركية المتباينة، وقال المتحدث إسماعيل بقائي: إن طهران “تنتظر من واشنطن توضيحات حاسمة بشأن نواياها”، مضيفًا: “سمعنا تصريحات متناقضة خلال الأيام الماضية، ونحن بحاجة لفهم مدى التزام الولايات المتحدة فعليًا”.
وكانت طهران قد أبلغت في محادثات عُمان أنها منفتحة على قبول بعض القيود الفنية على تخصيب اليورانيوم، مقابل ضمانات قوية بعدم انسحاب الولايات المتحدة مجددًا من أي اتفاق محتمل، في إشارة إلى انسحاب إدارة ترامب من اتفاق 2015 خلال ولايته الأولى.
التهديد العسكري يلوح في الأفق
التعقيد في المحادثات لا ينفصل عن تهديدات متكررة أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي عاد إلى البيت الأبيض هذا العام، متوعدًا إيران بـ”رد عسكري ساحق” إذا استمرت في تطوير برنامجها النووي دون اتفاق جديد.
وقد هدد ترامب بشكل صريح الأسبوع الماضي بـ”ضربة مباشرة” إذا فشلت الدبلوماسية.
وتأتي هذه التطورات وسط تقارير استخباراتية غربية تفيد بأن إيران اقتربت من العتبة النووية، ما أثار قلقًا كبيرًا لدى الولايات المتحدة وحلفائها، خاصة إسرائيل التي تراقب الوضع عن كثب، وتدرس خياراتها في حال فشل المسار التفاوضي.
بين الثقة الحذرة والشكوك المتبادلة، تمثل محادثات روما اختبارًا جديدًا للقدرة على احتواء التصعيد وبناء مسار تفاوضي طويل الأمد.
ومع تعقيدات المشهد الإقليمي والضغوط الداخلية في طهران وواشنطن، فإن فرص النجاح تبدو محدودة لكنها ليست معدومة.