تشهد مدينة غزة أزمة عطش خانقة مع دخول انقطاع خط مياه “ميكروت” الإسرائيلي يومه السادس على التوالي، نتيجة الأضرار التي لحقت بالخط شرق حي الشجاعية جراء القصف الإسرائيلي المتواصل.
وأكدت بلدية غزة، أن طواقمها الفنية لم تتمكن حتى الآن من الوصول إلى موقع الضرر بسبب استمرار الهجمات، ما يُعيق استكمال أعمال الصيانة.
وتُعد مياه “ميكروت” مصدرًا حيويًا، إذ تغطي نحو 70% من احتياجات سكان غزة من المياه، بمن فيهم مئات الآلاف من النازحين، وطالبت البلدية الجهات الدولية والمؤسسات الإنسانية بالتدخل العاجل للضغط من أجل السماح بإصلاح الخط الحيوي، وإنقاذ المدنيين من العطش.
تدمير ممنهج للبنية التحتية المائية.. والمستشفيات على وشك الانهيار
وكشفت بلدية غزة، أن الاحتلال دمّر 64 بئر مياه من أصل 86 خلال العدوان الحالي، ما جعلها تعتمد على تشغيل ما تبقى من الآبار — وعددها 22 — عبر الطاقة الشمسية والمولدات الاحتياطية، في ظل شح الوقود والانقطاعات المستمرة للكهرباء.
من جانبها، حذّرت وزارة الصحة في غزة من أن النقص الحاد في مياه الشرب ومصادر التغذية يفاقم الأوضاع الصحية، خاصة بين الأطفال. وأكدت الوزارة أن نحو 60 ألف طفل مهددون بمضاعفات صحية خطيرة جراء سوء التغذية، في وقت لا تزال فيه المعابر مغلقة أمام دخول الغذاء والدواء منذ أكثر من خمسة أسابيع.
كما تسبّب إغلاق المعابر أيضًا في شلل شبه كامل للقطاع الصحي، وتوقف العديد من العمليات الجراحية وخدمات الطوارئ، وتوقعت وزارة الصحة ازدياد عدد الوفيات بين المرضى والمصابين مع تراجع الخدمات الطبية ونفاد الأدوية والمستلزمات.
هجمات دون إنذار.. مجزرة في الشجاعية
وفي سياق التصعيد العسكري، ارتفع عدد ضحايا قصف جوي إسرائيلي استهدف 8 منازل سكنية في حي الشجاعية شرقي غزة صباح اليوم إلى 20 شهيدًا، وفق مصادر طبية محلية، كما وثّقت وزارة الصحة 36 شهيدًا خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية مع استمرار العملية العسكرية.
كما أطلقت وكالة الأونروا نداءً جديدًا لوقف إطلاق النار، وأكدت عبر منصة “إكس” أن الأطفال في شمال غزة “لم يعودوا يبحثون عن ألعابهم أو أقلامهم… بل عن شربة ماء”، مشيرة أن الحصار المفروض منذ أكثر من خمسة أسابيع منع دخول أي مساعدات إنسانية أو إمدادات تجارية.
غوتيريش: غزة أصبحت ساحة قتل
وأدان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بشدة استمرار الحصار، وصرّح: “مرّ أكثر من شهر كامل بدون وصول ذرّة مساعدات إلى غزة. لا طعام، لا وقود، لا أدوية”، مضيفًا أن “غزة أصبحت ساحة قتل، والمدنيون محاصرون في دوامة موت لا تنتهي”.
ورفض غوتيريش مقترحًا إسرائيليًا جديدًا لإدارة دخول المساعدات، واصفًا إياه بأنه “تقييد مفرط حتى لآخر سعر حراري وحبة دقيق”.
إسرائيل ترد: لا نقص في المساعدات وغوتيريش يفتري
ومن جهته، دافع المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية، أورين مارمورستين، عن موقف بلاده، مدعيًا أن “أكثر من 25 ألف شاحنة دخلت غزة خلال فترات التهدئة”، واتهم غوتيريش بـ”نشر افتراءات”، مدعيًا أن “حماس استخدمت المساعدات لإعادة بناء قدراتها العسكرية”.
إندونيسيا تعرض استقبال الجرحى الفلسطينيين مؤقتًا
فيما أعلن الرئيس الإندونيسي، برابوو سوبيانتو، استعداد بلاده لاستقبال ألف جريح فلسطيني ضمن الدفعة الأولى من المتضررين، وخاصة الأطفال المصابين بالصدمات أو الأيتام، بهدف علاجهم مؤقتًا إلى حين تماثلهم للشفاء.
وأكد أن ذلك سيتم بالتنسيق مع الفلسطينيين والدول المعنية، في إطار جولة شرق أوسطية تشمل الإمارات، تركيا، مصر، قطر والأردن.
وبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من 400 ألف فلسطيني نزحوا مؤخرًا نتيجة استئناف العمليات العسكرية، فيما تُحذر المنظمات الدولية من أن سكان غزة على وشك دخول مرحلة مجاعة شاملة إذا استمر الحصار وحرمان السكان من الغذاء والماء والدواء.