أثار بيان صادر عن “جبهة لندن” التابعة للتنظيم الدولي للإخوان المسلمين، نشر يوم الجمعة 28 مارس 2025، تفاعلات واسعة بعد أن قدّم تهنئة مباشرة للجيش السوداني بمناسبة سيطرته على مدينة الخرطوم، معتبرًا ذلك “تحريرًا من بقايا ميليشيات الدعم السريع المدعومة خارجيًا”، وفق نص البيان.
التهنئة التي جاءت على لسان المتحدث الإعلامي باسم التنظيم، المصري “صهيب عبدالمقصود”، لم تمر مرور الكرام، وفتحت الباب أمام تساؤلات حول دور الإخوان في تأجيج الصراع، ومحاولاتهم العودة للمشهد السياسي السوداني من بوابة العسكر.
الإخوان لا يخفون تحالفهم مع الجيش
وعلى الرغم من صيغته العاطفية، إلا أن البيان حمل مضامين سياسية مباشرة، أبرزها تقديم دعم معنوي كامل للجيش السوداني في مواجهته ضد قوات الدعم السريع.
ويرسّخ البيان ما يصفه مراقبون بـ”العلاقة القديمة المتجددة” بين المؤسسة العسكرية في السودان وتنظيم الإخوان، وهي علاقة تعود جذورها إلى الانقلاب العسكري الذي أوصل البشير إلى السلطة عام 1989.
وبالنظر إلى الخطاب، لا تبدو التهنئة مجرد موقف عابر، بل رسالة واضحة تؤكد أن التيار الإسلامي في السودان يراهن على الحسم العسكري، لا على الحوار الوطني أو الحلول السياسية.
انتهاكات ميدانية

وأثار توقيت التهنئة حفيظة منظمات حقوقية، خصوصًا أنها تزامنت مع توثيق حالات إعدامات ميدانية واعتقالات عشوائية في أحياء الخرطوم نفذتها قوات الجيش بعد دخول المدينة.
ووسط هذه الأجواء، بدا صمت الإخوان عن الانتهاكات بمثابة تبرير ضمني لما يجري على الأرض، أو على الأقل تجاهل متعمد للحقيقة، ما يثير الشكوك حول مدى التزام الجماعة بالمبادئ الحقوقية التي تروج لها إعلاميًا.
تصعيد إقليمي عبر بوابة الخرطوم
لذا يرى المراقبون، أن هذا البيان ليس معزولًا عن سياق التدخلات الإقليمية المتزايدة في السودان، بل يعكس محاولات التنظيم الدولي للإخوان لإعادة التموضع داخل الخرائط المتغيرة في المنطقة.
وإذا صح أن هناك دعمًا من الإخوان لجهات داخل المؤسسة العسكرية السودانية، فإن ذلك يعني تدخلًا مباشرًا في الصراع، يتجاوز حدود التعبير السياسي إلى التأثير على ميدان المعركة.
هدف الإخوان من التهنئة
وفي ظل تدهور الوضع الإنساني وغياب أفق الحل السياسي، تبرز تهنئة الإخوان كرسالة محمّلة بالدلالات، ولا يمكن فصلها عن محاولات التنظيم استعادة حضوره في المشهد السوداني، بعد سنوات من الغياب والاضطراب.
وأكد خبراء، أن تنظيم الإخوان يراهن دائمًا على لحظات الفوضى والانقسام، ويحاول الظهور كقوة دعم لأي طرف يمكن أن يعيده إلى قلب المشهد السياسي، فتهنئتهم للجيش رسالة موجهة، أكثر منها تعبيرًا عن فرحة وطنية.
ولفتوا أن التنظيم لم يغادر السودان فعليًا، حيث إن هناك خلايا نائمة وحواضن فكرية تنتظر الفرصة. هذا البيان هو أول الغيث.
بينما ينتظر السودانيون نهاية الحرب الدامية، تأتي تهنئة الإخوان لتفتح بابًا جديدًا من التساؤلات حول الدور الخفي للتنظيم في الأزمة، وما إذا كانت هذه الخطوة مقدمة لتدخل أعمق أو محاولة لإعادة إحياء نفوذه داخل السودان عبر العسكر.