سلّط تقرير نشرته مجلة “نيوزويك” الضوء على التصاعد الخطير في التوترات بين إسرائيل وتركيا، وهما حليفان مهمان للولايات المتحدة، في سوريا، محذرًا من احتمال نشوب صراع بين الدولتين بسبب تناقض مصالحهما الإستراتيجية في المنطقة.
وأشار التقرير إلى أن هذه التوترات تفاقمت بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، مما فتح الباب أمام تدخلات خارجية متزايدة من قبل القوى الإقليمية.
التدخلات المتضاربة في سوريا
أكد الكاتب توم أوكونور، المتخصص في الشؤون الخارجية ونائب رئيس تحرير المجلة، أن إسرائيل وتركيا تسعيان إلى تحقيق أهداف متعارضة في سوريا.
فبينما تعمل إسرائيل على توسيع نفوذها في الجنوب السوري، خاصة في المناطق القريبة من هضبة الجولان المحتلة، تسعى تركيا إلى تعزيز وجودها العسكري والسياسي في شمال سوريا، مدعومة باستثمارات ضخمة تهدف إلى إعادة إعمار المناطق التي تُسيطر عليها.
موقف الولايات المتحدة
على الرغم من الإعجاب الذي أبداه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بكل من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، واعتبارهما لاعبين رئيسيين في رؤيته للشرق الأوسط، إلا أن التقرير حذّر من أن التنافس بينهما قد يؤدي إلى مواجهة خطيرة.
وأشار إلى أن إدارة ترامب لم تبدِ اهتمامًا كبيرًا بالتواصل مع القيادة السورية الجديدة، وفضلت التركيز على ملفات أخرى مثل غزة وعلاقاتها الوثيقة مع إسرائيل.
الزاوية الإسرائيلية
من جانبها، أشارت إيفرات أفيف، الباحثة والأستاذة المشاركة في جامعة بار إيلان الإسرائيلية، إلى أن التوترات الحالية تعود إلى النفوذ المتزايد لتركيا في سوريا، والذي تدعمه استثمارات بمليارات الدولارات.
كما لفتت إلى أن إسرائيل استغلت الفوضى التي أعقبت سقوط نظام الأسد لتوسيع سيطرتها في الجنوب السوري، وإنشاء منطقة عازلة لحماية نفسها من التهديدات المحتملة من الحكومة السورية الجديدة.
وأضافت أفيف أن تركيا قد تطالب بموطئ قدم عسكري في سوريا، خاصة في ظل مخاوفها من أن تصرفات إسرائيل تهدد استقرار المنطقة. كما أشارت إلى قلق إسرائيل من دعم تركيا لحركة حماس وعلاقاتها الوثيقة مع القيادة السورية الجديدة.
الزاوية التركية
من ناحية أخرى، أكد مراد أصلان، الأستاذ المشارك في جامعة حسن كاليونجو، أن تركيا ترى تحركات إسرائيل في سوريا على أنها استفزازية، خاصة في ظل قيادة بنيامين نتنياهو الذي توصف سياسته بالمتشددة. وأشار إلى أن تركيا قد تنسق مع الحكومة السورية الجديدة لاتخاذ إجراءات دفاعية إذا استمرت إسرائيل في تصعيد موقفها.
وأضاف أصلان أن تركيا لا تفضل المواجهة العسكرية المباشرة مع إسرائيل، لكنها قد تلجأ إلى أساليب أخرى منخفضة التكلفة لردع التحركات الإسرائيلية. كما أشار إلى أن إسرائيل تسعى إلى استغلال الفراغ القيادي في سوريا لتوسيع نفوذها وتشجيع إنشاء كيانات موالية لها في المنطقة.
الزاوية السورية
من جانبه، أعرب بسام بربندي، الدبلوماسي السوري السابق والمحرر في مجلة “أخبار سوريا”، عن شكوكه في أن تكون تركيا قادرة على حماية سوريا من التحركات الإسرائيلية. كما أشار إلى أن إسرائيل لم تُظهر أي التزام حقيقي نحو السلام في المنطقة.
وحذّر بربندي من أن السوريين لا يريدون ولا يستطيعون تحمل تكاليف صراع جديد، خاصة في ظل الدمار الهائل الذي تعرضت له البلاد. ودعا إلى تدخل الولايات المتحدة للإشراف على مفاوضات بين إسرائيل وسوريا لتجنب تحول سوريا إلى ساحة معركة للقوى الإقليمية المتنافسة.
ويُظهر التقرير أن التوترات بين إسرائيل وتركيا في سوريا تزداد تعقيدًا، خاصة في ظل المصالح المتضاربة للدولتين، وفي حين أن المواجهة العسكرية المباشرة ليست مرجحة في المدى القريب، إلا أن التصعيد المستمر قد يُؤدي إلى تفاقم الأوضاع في منطقة تعاني بالفعل من عدم الاستقرار.
وتظل الجهود الدبلوماسية والتدخل الدولي ضروريين لتجنب تحول سوريا إلى ساحة صراع إقليمي جديد.