تشهد الساحة السياسية في الشرق الأوسط تطورات متسارعة، أبرزها تبدّل موقف إسرائيل من الحكومة الانتقالية في سوريا بقيادة أحمد الشرع.
فبعد أن كانت تل أبيب من أوائل الداعمين لسقوط نظام بشار الأسد، انقلبت مواقفها ووصفت الإدارة الجديدة في دمشق بأنها “جماعة إرهابية استولت على الحكم بالقوة”.
هذا التحول المفاجئ يثير تساؤلات حول الدوافع الحقيقية للموقف الإسرائيلي والتبعات التي قد تترتب عليه.
إسرائيل ودعمها الأولي لحكومة الشرع
مع تصاعد الثورة السورية وتحولها إلى صراع مسلح، اتخذت إسرائيل موقفًا حذرًا في البداية، إلا أنها رأت في انهيار نظام الأسد فرصة لتغيير موازين القوى الإقليمية.
وعندما انهارت حكومة الأسد أخيرًا وتولى أحمد الشرع قيادة المرحلة الانتقالية، أبدت تل أبيب تفاؤلًا حذرًا، معتبرة أن انتهاء حكم الأسد، الحليف الوثيق لإيران وحزب الله، قد يشكل فرصة لإضعاف النفوذ الإيراني في سوريا.
ورغم أن إسرائيل لم تعلن دعمًا مباشرًا لحكومة الشرع، فإن تقارير عديدة أشارت إلى أن دوائر صنع القرار الإسرائيلية كانت تنظر بإيجابية إلى التغيير الجديد، معتبرة أنه يمكن أن يخلق واقعًا أمنيًا أفضل على حدودها الشمالية.
هذا الموقف انسجم مع دعم بعض القوى الغربية والإقليمية للإدارة الانتقالية، حيث رأت في حكم الشرع وسيلة لإعادة الاستقرار إلى سوريا وتقليل نفوذ الجماعات المتطرفة.
تحولات في الخطاب الإسرائيلي
لكن خلال الأسابيع الأخيرة، بدأت تتغير نبرة الخطاب الإسرائيلي تجاه حكومة الشرع.
في تصريح صادم، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، خلال اجتماعه مع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل، إن الإدارة الجديدة في دمشق هي “جماعة إسلامية جهادية إرهابية استولت على السلطة بالقوة”.
وأضاف ساعر أن الحكومة الانتقالية بقيادة الشرع بدأت “بالانتقام من العلويين وإيذاء الأكراد”، وهو ما اعتبره مؤشرًا خطيرًا على تحول سوريا إلى بيئة غير مستقرة تهدد أمن إسرائيل.
كما أشار إلى أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي بدأتا بتعزيز وجودهما في سوريا، معتبرًا أن دمشق قد تتحول إلى جبهة جديدة ضد إسرائيل.
تداعيات الموقف الإسرائيلي الجديد
التحول الإسرائيلي من دعم حكومة الشرع ضمنيًا إلى تصنيفها كـ”جماعة إرهابية” قد يخلق تداعيات متعددة، منها:
تزايد العزلة الدولية لحكومة الشرع: مع الضغط الإسرائيلي، قد تجد الحكومة الانتقالية صعوبة في الحصول على اعتراف دولي واسع، خاصة إذا بدأت دول غربية أخرى في تبني موقف مشابه لموقف تل أبيب.
تفاقم الصراع في سوريا: إذا قررت إسرائيل التدخل عسكريًا أو دعم جماعات مسلحة مناوئة لحكومة الشرع، فقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التصعيد داخل سوريا.
تعقيد العلاقات الإسرائيلية مع القوى الإقليمية: قد يثير موقف إسرائيل الجديد حفيظة بعض الدول التي رحّبت بحكومة الشرع، ما قد يؤثر على تحالفاتها الإقليمية.
وبينما تسعى تل أبيب لضمان أمنها، فإن تعقيدات المشهد السوري تجعل من الصعب التنبؤ بما ستؤول إليه الأمور.