في تأكيد جديد على موقفها الراسخ ضد أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، شددت مصر على أن إعادة إعمار القطاع ستتم دون إجبار أي مواطن فلسطيني على مغادرة أرضه.
يأتي هذا الموقف في ظل نقاشات دولية حول مستقبل غزة، وسط تقارير عن مقترحات لإعادة توطين الفلسطينيين خارج القطاع، وهو ما ترفضه القاهرة بشكل قاطع.
رفض قاطع للتهجير وحل سياسي شامل
وأكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، أن مصر تمتلك رؤية متكاملة لإعادة إعمار غزة تركز على دعم الفلسطينيين في أماكنهم، دون القبول بأي سيناريوهات تفرض عليهم النزوح القسري.
وقال عبد العاطي، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجيبوتي محمود علي يوسف: إن القاهرة تتبنى موقفًا واضحًا بالتعاون مع المجتمع الدولي لضمان إعمار القطاع بطريقة تحترم حقوق الفلسطينيين في البقاء داخل أرضهم، مشيرًا إلى وجود توافق عربي حول هذه المسألة.
وأضاف: أن المرحلة الأولى من عملية الإعمار تهدف إلى وضع الأسس لحل سياسي شامل يقود إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو السبيل الوحيد لمنع تكرار موجات العنف والعدوان في المنطقة.
مشروعات عاجلة لإنقاذ غزة
وكشف عبد العاطي، أن مصر تعمل على تنفيذ مشروعات عاجلة لدعم التعافي المبكر في القطاع، بالتوازي مع دخول المساعدات الإنسانية.
وأشار، أن الأولويات تشمل تحسين خدمات مياه الشرب والصرف الصحي والرعاية الصحية، وهي قطاعات حيوية تعرضت لأضرار جسيمة جراء القصف الإسرائيلي المستمر.
وأكد أن القاهرة تنسق مع الأمم المتحدة لتسريع تنفيذ هذه المشروعات، إلى جانب الجهود الجارية لضمان نفاذ المواد الغذائية والإيوائية والطبية إلى داخل غزة، في ظل كارثة إنسانية متفاقمة يعاني منها السكان.
السيسي وترامب.. نقاشات إيجابية دون تطرق لفكرة التهجير
في سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية، أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ناقش مع نظيره الأميركي دونالد ترامب تطورات الوضع في غزة، حيث جرى “حوار إيجابي”، دون أي إشارة إلى مقترحات نقل الفلسطينيين من القطاع إلى مصر أو الأردن.
ووفقًا لمصدر مطلع نقل عنه موقع “أكسيوس” الأميركي، فإن ترامب طرح خلال المحادثات رؤيته بشأن الحاجة إلى جهود ضخمة لإعادة إعمار غزة، في ظل الدمار الهائل الذي خلفته الحرب.
من جهته، شدد السيسي على أهمية التوصل إلى اتفاق سلام دائم يضمن استقرار المنطقة، مشيرًا أن المجتمع الدولي يعول على دور الولايات المتحدة في تحقيق تسوية سياسية تنهي عقودًا من الصراع.
مصر تواصل جهود تثبيت وقف إطلاق النار
في إطار مساعيها لاحتواء الأزمة، تواصل القاهرة جهودها لتنفيذ استحقاقات اتفاق وقف إطلاق النار بمراحله الثلاثة، بما يضمن استدامة التهدئة ومنع تفجر الأوضاع مجددًا.
وأكد عبد العاطي، أن مصر تعمل على توفير الضمانات الدولية اللازمة لدعم جهود إعادة الإعمار، بما في ذلك التنسيق مع الأطراف المعنية لضمان عدم تكرار التصعيد العسكري مستقبلاً.
كما أشار إلى أهمية المضي قدمًا في مسار سياسي شامل، يتضمن الاعتراف بحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، باعتباره الحل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
رسالة مصر: “لا خروج للفلسطينيين من أرضهم”
يأتي التأكيد المصري المتجدد على رفض التهجير في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية للبحث عن حلول دائمة للأزمة في غزة. ومع استمرار القصف الإسرائيلي وتردي الأوضاع الإنسانية، تشدد القاهرة على أن إعادة الإعمار لا يمكن أن تكون ذريعة لفرض واقع ديموغرافي جديد في المنطقة.
وبينما يترقب الفلسطينيون ما ستؤول إليه المباحثات الإقليمية والدولية، تظل مصر في طليعة الدول التي تؤكد أن الحل لا يكمن في تهجير السكان، بل في تمكينهم من العيش بكرامة على أرضهم، ضمن دولة مستقلة تضمن لهم حقوقهم المشروعة.
