في تطور لافت ضمن مسار التصعيد الإقليمي، أعلن الحوثيون في اليمن أنهم سيقتصرون في المرحلة المقبلة على استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل في ممر البحر الأحمر.
يأتي هذا الإعلان في وقت يشهد العالم فيه تهدئة نسبية، مع بدء سريان وقف إطلاق النار في قطاع غزة، الذي دخل حيز التنفيذ يوم الأحد الماضي.
رسائل تحذيرية موجهة لشركات الشحن
كشف الحوثيون عن نواياهم عبر رسالة بريد إلكتروني تم إرسالها إلى شركات الشحن وعدد من الأطراف الدولية يوم الأحد.
الرسالة أوضحت أن الهجمات الحوثية المستقبلية ستقتصر فقط على السفن الإسرائيلية، مع التأكيد على أن هذه الاستهدافات تأتي في سياق ما وصفوه بـ”الرد على العدوان الإسرائيلي المستمر على الشعب الفلسطيني”.
الحوثيون أشاروا أيضًا إلى أنهم سيصدرون بيانًا عسكريًا يوم الإثنين؛ لتوضيح مزيد من التفاصيل حول القرار؛ مما يعكس استراتيجية الجماعة في توظيف الإعلام العسكري كأداة لتمرير رسائلها السياسية.
تغيير في استراتيجية الهجمات البحرية
وفقًا لمصادر مقربة من الحوثيين، أعلن “مركز تنسيق العمليات الإنسانية” التابع للجماعة أنهم “سيوقفون العقوبات” التي طالت في السابق سفنًا متعددة الجنسيات.
هذا التوجه الجديد يأتي بعد موجة من الهجمات الحوثية في البحر الأحمر منذ نوفمبر 2023، والتي تسببت في إرباك حركة التجارة البحرية الدولية.
هذا التحول في الاستراتيجية يعكس محاولة الحوثيين رسم صورة تبرر تصعيدهم المستقبلي ضد أهداف إسرائيلية محددة، مع تجنب استعداء الأطراف الإقليمية والدولية التي تعتمد على هذا الممر المائي الحيوي.
دعم مستمر لغزة
في سياق متصل، صرح عبد الملك الحوثي، زعيم الجماعة، الخميس الماضي، أن جماعته ستواصل متابعة مراحل تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة حماس وإسرائيل.
وأكد الحوثي، أن العمليات العسكرية التي تنفذها جماعته تأتي في إطار “مساندة الفلسطينيين في غزة”.
العمليات الحوثية ضد إسرائيل، التي تعتمد على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، استمرت لأكثر من عام، ما يعكس تطور القدرات العسكرية للجماعة المدعومة من إيران.
ويبدو أن الحوثيين يسعون إلى تعزيز صورتهم كطرف داعم للفصائل الفلسطينية في سياق الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
التداعيات الإقليمية والدولية
تثير الخطوة الحوثية مخاوف من تصعيد جديد قد يؤثر على الملاحة في البحر الأحمر، وهو ممر حيوي للتجارة العالمية.
في الوقت ذاته، فإن حصر الهجمات على السفن الإسرائيلية قد يهدف إلى تقليل الضغوط الدولية على الحوثيين من قبل القوى الكبرى.
وبينما رحبت بعض الأطراف الدولية بوقف إطلاق النار في غزة، فإن إعلان الحوثيين الأخير يعكس مدى تشابك الأزمات الإقليمية، حيث يتداخل الصراع في اليمن مع قضايا الشرق الأوسط الأوسع نطاقًا، وعلى رأسها النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.
ويقول المحلل السياسي اليمني، مرزوق الصيادي: إن إعلان مليشيات الحوثيين حصر استهدافاتهم في البحر الأحمر على السفن الإسرائيلية يُعد تحركًا يحمل أبعادًا سياسية وأيديولوجية، لكنه لا يُخفي حقيقة المأساة التي تعيشها اليمن بسبب سياساتهم، والشعب اليمني هو الضحية الأولى لاستمرار الصراع، إذ تكرّس الجماعة مواردها وجهودها العسكرية في خدمة أجندات خارجية، بينما تعاني مناطق سيطرتهم من الفقر والجوع وانهيار الخدمات الأساسية.
وأضاف الصيادي – في تصريحات خاصة لملفات عربية-، أن من المفارقات أن الحوثيين يتذرعون بدعم القضية الفلسطينية، بينما اليمنيون يواجهون أزمة إنسانية طاحنة لم تكن لتتفاقم بهذا الشكل لولا سياساتهم.
هذه الجماعة توجه أسلحتها ومواردها خارج الحدود، بينما يتعرض المواطنون داخل البلاد للقمع والحرمان من أبسط حقوقهم الإنسانية.