في خطوة مفاجئة ذات أبعاد استراتيجية وإقليمية عميقة، تمكن الجيش الإسرائيلي من السيطرة على جبل الشيخ السوري دون مواجهة أي مقاومة تُذكر.
هذا التطور أثار تساؤلات حول التغيرات الجارية في الداخل السوري، ودور إسرائيل المتزايد في المشهد السوري المعقد.
يعتبر جبل الشيخ، بفضل موقعه المرتفع وأهميته الجغرافية، نقطة استراتيجية حساسة لأي طرف يسعى لتعزيز نفوذه في المنطقة.
غياب المقاومة السورية أمام هذا التحرك الإسرائيلي يثير العديد من التفسيرات.
عسكريًا: يعكس ذلك تراجعًا واضحًا في قدرات الجيش السوري، خاصة في المناطق الحدودية البعيدة عن دمشق.
ويُعد هذا الأمر نتيجة مباشرة لضغوط مستمرة طيلة سنوات الحرب والانقسامات الداخلية.
من جانب آخر، يمكن تفسير غياب الرد السوري بانشغال النظام بتأمين مراكز القوة الرئيسية في العاصمة ومحيطها، مما يجعل المناطق الحدودية عرضة لأي تدخلات خارجية.
الأهداف الإسرائيلية من السيطرة على جبل الشيخ تبدو أوسع من مجرد التحرك التكتيكي.
تُظهر الخطوة رغبة إسرائيل في تعزيز مكانتها الاستراتيجية، حيث يوفر الموقع سيطرة متقدمة تمكنها من مراقبة الأنشطة في شمال سوريا ولبنان.
وقد تكون الخطوة جزءًا من خطة أكبر لتوسيع نطاق السيطرة في الجولان السوري المحتل.
إضافة إلى ذلك، يبدو أن إسرائيل تسعى لاختبار مدى استعداد النظام السوري أو حلفائه، مثل إيران وحزب الله، للرد على هذه التحركات؛ مما يبرز تغييرات محتملة في ديناميكيات الصراع الإقليمي.
الانعكاسات على الداخل السوري قد تكون بعيدة المدى. غياب الرد العسكري أو الدبلوماسي من النظام يسلط الضوء على حالة ضعف ميدانية وسياسية، مما قد يؤدي إلى فقدان المزيد من الشرعية داخليًا وخارجيًا.
هذا الضعف قد يُشجع الجماعات المسلحة في المنطقة على استغلال الوضع لتعزيز مواقعها في المناطق المحيطة بجبل الشيخ.
سقوط نظام بشار الأسد، ستكون هذه المنطقة محورًا لصراعات جديدة. غياب النظام قد يؤدي إلى تنافس قوى محلية وإقليمية ودولية لملء الفراغ.
وقد تجد إسرائيل نفسها أمام مواجهات مباشرة مع أطراف جديدة تسعى لاستعادة السيطرة، سواء من الداخل السوري أو بدعم خارجي من إيران أو روسيا.
المشهد الإقليمي قد يتجه نحو تصعيد خطير إذا ما قررت أطراف مثل حزب الله أو الحرس الثوري الإيراني الرد على التحركات الإسرائيلية. ومع ذلك، تبقى احتمالات أخرى قائمة، مثل فرض ضغوط دولية على إسرائيل للانسحاب أو محاولة تهدئة الوضع من خلال ترتيبات دبلوماسية.
السيطرة الإسرائيلية على جبل الشيخ دون مقاومة قد تكون بداية لتحركات أوسع تهدف إلى تعزيز وجودها العسكري في سوريا، خصوصًا إذا استمر غياب ردود فعل قوية من الأطراف المعنية.
على المدى الطويل، يمكن أن تشكل هذه الخطوة نقطة تحول في موازين القوى الإقليمية.
وقد تساهم في إعادة تشكيل الخريطة السياسية والعسكرية لسوريا والمنطقة بأكملها، خاصة مع تزايد تنافس القوى الكبرى على النفوذ.
مراقبة التطورات القادمة ستكون ضرورية لفهم مسار الأحداث وتأثيرها على مستقبل المنطقة.