في ظل تداعيات الحرب في أوكرانيا، وتوتر العلاقات بين القوى العظمى، تشير تحركات الصين الأخيرة إلى وجود تحول استراتيجي قد يعيد تشكيل موازين القوى على الساحة الدولية.
الصين، التي تراقب عن كثب تطورات الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على النظام العالمي، بدأت في إرسال رسائل متزايدة حول تعزيز قوتها النووية، وهو ما يثير تساؤلات حول مرحلة جديدة من المنافسة النووية مع الولايات المتحدة.
التسابق النووي المتصاعد
أطلقت الصين مؤخرًا العديد من التصريحات التي تشير إلى تعزيز قدراتها النووية، في وقت تواصل فيه الولايات المتحدة تعزيز ترسانتها النووية، خاصة في إطار ما يسمى بالردع النووي.
تلك التصريحات من بكين تتزامن مع ما يبدو أنه استعدادات داخلية لزيادة إنتاج الأسلحة النووية في مواجهة ما تُعتبر تهديدات متزايدة من الولايات المتحدة، التي تجسدها التدخلات العسكرية في منطقة بحر الصين الجنوبي ومحيط المحيط الهادئ.
التصعيد في ظل الحرب الأوكرانية
منذ بداية الحرب في أوكرانيا، أصبح من الواضح أن القوى الكبرى في العالم تراقب عن كثب تأثيراتها على النظام العالمي.
الصين، التي تمثل القوة العالمية الثانية بعد الولايات المتحدة، تبدي تحفظًا على مواقف الغرب تجاه روسيا، حيث تتبنى سياسة أكثر حيادًا وتدعو إلى الحلول الدبلوماسية.
لكن هذا التحفظ له تبعات على العلاقات الصينية-الأمريكية، التي تشهد تصعيدًا في ظل رؤية بكين للتحركات العسكرية الأمريكية كتهديد مباشر لهيمنتها الإقليمية والعالمية.
فوز ترامب وعودة التوترات النووية
تكتسب هذه الديناميكيات مزيدًا من التعقيد بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الأمريكية المقبلة، حيث يزداد الشك في استمرار سياسة الرئيس بايدن الحالية تجاه الصين.
إذ يتوقع بعض الخبراء، أن ترامب، الذي كان قد تبنى مواقف أكثر صرامة تجاه الصين خلال فترته الرئاسية السابقة، قد يعيد إحياء سياسة أكثر تصعيدًا؛ مما قد يؤدي إلى زيادة في التوترات النووية بين الجانبين.
ترامب قد يتبع نهجًا مشابهًا لتوسيع الترسانة النووية الأمريكية، ويرجح أن تكون هناك مبادرات جديدة لتطوير أسلحة نووية متقدمة، ما يضع الصين أمام تحدي استجابة سريعة وفعالة.
في هذا السياق، يمكن للصين أن تسعى لتطوير أسلحتها النووية بشكل أسرع لمواكبة هذه التحركات الأمريكية؛ مما يزيد من احتمالية تحول المنافسة النووية إلى صراع طويل الأمد على الهيمنة العسكرية والتكنولوجية بين القوتين العظميين.
أبعاد استراتيجية جديدة
في نهاية المطاف، من الممكن أن تمثل هذه الديناميكيات تحولًا في الطريقة التي ستتنافس بها الصين والولايات المتحدة في العقدين المقبلين.
تتطلع الصين إلى تعزيز مكانتها العالمية من خلال زيادة قدراتها النووية، وهي بذلك قد تكون على استعداد لخوض سباق تسلح جديد قد يغير وجه العلاقات الدولية في المستقبل القريب.
تصعيد التوترات النووية بين الصين والولايات المتحدة سيضع مزيدًا من الضغوط على النظام الدولي، في وقت تشهد فيه أوكرانيا حربًا مستمرة قد تؤثر في الاستراتيجيات العسكرية لكلا الطرفين.
وإذا كانت الصين ترى في ترسانتها النووية أداة ردع فعالة ضد التفوق العسكري الأمريكي، فإن ذلك قد يعني بداية مرحلة جديدة من المنافسة النووية التي قد تهدد الاستقرار الإقليمي والدولي.