الحرب في قطاع غزة تحولت إلى أزمة إنسانية مروعة، وسط تصاعد اتهامات دولية بارتكاب “جرائم حرب” نتيجة للعمليات العسكرية المكثفة التي تقودها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر 2024.
تتزايد الدلائل على أن الحرب تجاوزت حدود الصراع التقليدي، لتتحول إلى حملة من التهجير القسري واستهداف المدنيين، ما يفاقم معاناة سكان القطاع ويؤدي إلى انهيار كامل للبنية التحتية الأساسية.
في ظل استمرار القصف المكثف على مناطق مكتظة بالسكان، أجبرت عشرات الآلاف من العائلات الفلسطينية على مغادرة منازلها بحثاً عن الأمان في مناطق أقل تعرضاً للقصف.
عمليات النزوح القسري هذه، التي تفاقمت نتيجة تحذيرات إسرائيلية تطالب السكان بإخلاء مناطق بأكملها، تُثير مخاوف كبيرة بين المنظمات الحقوقية التي اعتبرت هذه الإجراءات بمثابة “عقاب جماعي” يتنافى مع القانون الدولي الإنساني.
إلى جانب ذلك، تعاني غزة من انهيار شبه كامل للبنية التحتية، حيث دمرت الهجمات الجوية المستشفيات والمرافق الصحية، ما أدى إلى نقص حاد في الأدوية والمستلزمات الطبية، وزاد من صعوبة علاج الجرحى والمرضى.
كما تعرضت محطات توليد الكهرباء وخطوط المياه للقصف، مما أدى إلى انقطاع الخدمات الأساسية، تاركاً أكثر من مليوني شخص في مواجهة كارثة إنسانية غير مسبوقة.
تقارير صادمة حول الحرب
تقارير منظمات حقوق الإنسان تشير أن ما يجرى في غزة يتجاوز مفهوم العمليات العسكرية إلى استهداف مباشر للمدنيين العزلوالبنية التحتية، ما يُعد انتهاكاً واضحاً لاتفاقيات جنيف.
الأمم المتحدة حذرت من أن استمرار الوضع على هذا النحو قد يؤدي إلى عواقب كارثية، مطالبةً بفتح ممرات إنسانية عاجلة للسماح بإدخال المساعدات الطبية والغذائية.
أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، المدافعة عن حقوق الإنسان في تقرير اليوم الخميس، أن أوامر الإخلاء الإسرائيلية في قطاع غزة ترقى إلى “جريمة حرب” تتمثل في “تهجير قسري” في مناطق وفي مناطق أخرى إلى “تطهير عرقي”.
وقال التقرير: “جمعت هيومن رايتس ووتش أدلة على أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة حرب تتمثل في التهجير القسري”، وفقا لفرانس برس.
وأضاف التقرير: “تبدو تصرفات إسرائيل وكأنها تتفق مع تعريف التطهير العرقي” في المناطق التي لن يتمكن الفلسطينيون من العودة إليها.
وبحسب الباحثة في المنظمة نادية هاردمان، فإن نتائج التقرير تستند إلى مقابلات مع نازحين من غزة وصور الأقمار الاصطناعية والتقارير العامة التي قدمت حتى أغسطس 2024.
وفي وقت تقول إسرائيل، إن النزوح هدفه تأمين المدنيين أو لأسباب عسكرية ملحة، رأت هاردمان أن “إسرائيل لا تستطيع الاعتماد ببساطة على وجود المجموعات المسلحة لتبرير نزوح المدنيين”، بحسب ما ذكرت فرانس برس.
وأضافت، “يتعيّن على إسرائيل أن تثبت في كل حالة أن نزوح المدنيين هو الخيار الوحيد”، وذلك للامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني.
وقالت المتحدثة باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا” لويز ووتريدج لوكالة فرانس برس: إن العملية العسكرية في شمال قطاع غزة أجبرت ما لا يقلّ عن 100 ألف شخص على النزوح من أقصى الشمال إلى مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.