رغم الأحاديث الزاعمة بتراجع الإصابات، إلا أن مرض الكوليرا الشرس يتفشى في السودان ويفتك بأرواح العديد من الأشخاص دون وجود رعاية طبية كافية لتلبية احتياجات المرضى.
تفشي الكوليرا
فلم تجد عائلة سودانية ابتليت بإصابة إحدى نسائها بالكوليرا سوى سرير منزلي لنقلها إلى مستشفى قريب في ولاية الجزيرة وسط السودان في ظل فشلها في الحصول على محفة طبية، مع استمرار معاناة المنطقة من قطع الطريق والحصار المفروض منذ أشهر بسبب انتشار قوات الدعم السريع في محيطها.
وأكدت مصادر طبية، أن مرض الكوليرا حصد أرواح المئات في الجزيرة بمتوسط 3 وفيات في اليوم بسبب تداعيات تأخر المصابين في الوصول للمستشفيات مع شح الوقود واستمرار حالة الانفلات الأمني في الطرق الرابطة بين قرى الولاية والمدن الكبرى التي توجد بها مستشفيات كبيرة، فضلاً عن نقص الإمداد في الأدوية والمحاليل الوريدية، بحسب وكالة رويترز للأنباء.
وقالت السلطات الصحية بولاية الجزيرة: إن التدابير التي اتخذتها خلال الفترة الماضية من خلال حملات الرش والتعقيم والتثقيف الصحي أسهمت في خفض الإصابات من 300 إلى 117 في اليوم الواحد.
ونجحت مزدلفة آدم في إنقاذ حياة طفلها بصعوبة بالغة بعد إصابته بمرض الكوليرا، حيث اتخذت قراراً سريعاً بنقله إلى مستشفى المناقل الذي يبعد عن قريتها أكثر من 30 كيلومتراً.
هل انخفض الاصابات؟
ومن ناحيته، يأمل عمار يحيى مدير إدارة المستشفيات بوزارة الصحة في ولاية الجزيرة استمرار انخفاض عدد الإصابات في الفترة المقبلة بشكل تدريجي.
وقال: “الحالات في البدء كانت عالية ويمكن أن تصل في اليوم إلى أكثر من 300 حالة. والآن بدأت في الانخفاض التدريجي. حتى أمس الحالات الموجودة كانت 117 حالة، ومتوقع أن يحدث اليوم انخفاض كبير إلى ما يقل عن 100 حالة”.
وألقى مرضى ومرافقون باللوم على وزارة الصحة الاتحادية بسبب ما اعتبروه تأخيراً في إيجاد الحلول المناسبة لإيصال الأدوية والمستلزمات الطبية خلال فترة حصار ولاية الجزيرة؛ ما أدى إلى توسيع دائرة انتشار المرض.
وقال الإمام بشير، رئيس قسم التمريض في مركز عزل المصابين بمرض الكوليرا في المناقل: “كانت هناك بعض الصعوبات التي واجهت الناس منها نقص المحاليل الوريدية والإمداد بشكل عام”.
وتابع: “لجأنا لمحلول معالجة الجفاف وهذا مخصص لعلاج الأعراض البسيطة. فالناس اعتمدت عليه في فترة من الفترات كلياً. بسبب قطع الطريق، الإمداد كان بسيطاً. والحمد لله الناس تخطت المرحلة دي (هذه) بس (لكن) حالياً الحالات بدأت تخف”.
تفاقم الوضع الصحي
ومن ناحيتها، قالت اللجنة التمهيدية لنقابة أطباء السودان: إن أكثر من 73 شخصاً لاقوا حتفهم في مدينة الهلالية ومناطق مجاورة بولاية الجزيرة بسبب تفاقم الوضع الصحي.
وجاء في بيان للجنة: “تواجه مناطق شرق الجزيرة في السودان كارثة إنسانية متفاقمة، نتيجة لهجمات عنيفة ومستمرة تشنها ميليشيا (الدعم السريع)”.
وأضافت: “يعاني مستشفى الصباغ الريفي، الذي يعد المحطة الرئيسية لتقديم الرعاية الطبية للنازحين، من تدفق هائل للمرضى يفوق طاقته الاستيعابية، ويعاني من نقص حاد في الكوادر الطبية والأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية”.
وأكدت: “يعيش النازحون في مدينة حلفا الجديدة وقراها في أوضاع مأساوية، حيث ينامون في العراء دون مأوى أو أغطية، ويفتقرون إلى مصادر مياه شرب نظيفة”، وطالبت اللجنة المجتمع الإقليمي والدولي بالتدخل الفوري لوقف هذه المأساة الإنسانية.
وتصاعد العنف في ولاية الجزيرة بشرق السودان في الأسابيع الأخيرة، وقالت الأمم المتحدة: إن نحو 135 ألف شخص نزحوا منها إلى ولايات أخرى.
وأدت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع التي اندلعت في أبريل 2023 إلى انتشار الجوع في أنحاء البلاد، بالإضافة إلى نزوح الملايين.