بعد مرور عامٍ على الهجوم الذي شنته حماس “طوفان الأقصى”، والذي أنهى العصر الذهبي لإسرائيل الذي دام عقدين من السلام النسبي وتوسيع الثروة والعلاقات الدبلوماسية المتنامية، أصبحت البلاد الآن في حالة هجوم مضاد وتستعد للحرب لسنوات.
وقالت صحيفة “وول ستريت جورنال”، في تحليل مطول عن مرور عام على حرب غزة، إنه بعد الصمود في وجه هجوم صاروخي إيراني شرس في الأيام الأخيرة والتخلص من دعوات الحلفاء لوقف إطلاق النار في غزة، تفتح إسرائيل بدلاً من ذلك مسارح جديدة للقتال.
وتمثل هذه الحملة تحولاً عدوانيًا في موقف إسرائيل الأمني. فلسنوات، كان الجيش يهدف إلى توفير فترات طويلة من السلام لم تتخللها سوى صراعات قصيرة مع المسلحين الفلسطينيين، وكانت هناك مناورات عسكرية عرضية تهدف إلى إهانة المحور، لكنها لم تكن شديدة بما يكفي للترحيب بالانتقام.
وشهدت إسرائيل، الدولة التي تأسست على التقشف، ارتفاع ناتجها المحلي الإجمالي. وأصبحت عاصمتها التجارية، تل أبيب، لا يمكن تمييزها عن أي مدينة أخرى غنية على البحر الأبيض المتوسط، بحسب الصحيفة.
كما أشارت إلى أنه يعتقد الكثير من المؤسسات الأمنية الإسرائيلية الآن أن إسرائيل لم تعد قادرة على منح أعدائها الوقت والمساحة لبناء ترسانات يمكن أن تشكل تهديدًا وجوديًا.
وقال ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي الإسرائيلي السابق: “ستكون الحروب الاستباقية في المستقبل جزءًا من مجموعة الأدوات الإسرائيلية”.
ومن المتوقع أن تؤثر هذه الاستراتيجية الجديدة على كل جزءٍ تقريبًا من المجتمع الإسرائيلي، وتعيد تشكيل الجغرافيا السياسية في الشرق الأوسط، وتهز العلاقات مع الولايات المتحدة، التي شهدت نفوذها يتضاءل باعتبارها الحليف الدبلوماسي الرئيسي لإسرائيل ومورد الأسلحة.
فيما قد يأتي هذا على حساب الأهداف الدبلوماسية لإسرائيل، بما في ذلك بناء تحالف إقليمي قادر على مواجهة إيران.
بينما قالت المملكة العربية السعودية إنها لن تطبع العلاقات مع إسرائيل ما لم يكن هناك مسار موثوق به إلى دولة فلسطينية، وهي الفكرة التي ما تزال غير شعبية في إسرائيل وهي غير مقبولة بالنسبة لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليمينية الحالية.
وقال تامير هايمان، رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية السابق والمدير التنفيذي لمعهد دراسات الأمن القومي ومقره تل أبيب، إنه بدون البحث عن حلول سياسية ودبلوماسية، “إنها مسألة حرب لا نهاية لها. بعد غزة، سنذهب إلى لبنان. بعد لبنان، سنذهب إلى الضفة الغربية. بعد الضفة الغربية، سنذهب إلى إيران”.
وأكدت “وول ستريت جورنال”، أن إعادة التفكير الأمني في إسرائيل هو شهادة على نجاح الميليشيات الإيرانية المعادية لإسرائيل في لبنان وسوريا والعراق واليمن والأراضي الفلسطينية.
وبعد ذلك تطوي إسرائيل العام الأول لحربها على غزة من دون خطة استراتيجية تضع جدولة زمنية لنهايتها، وترسم خريطة لمستقبل القطاع على وقع اشتعال جبهة الشمال، مما يجعل مستقبل غزة أكثر تعقيداً سواء بإنهاء الحرب وإعادة الأسرى أم الخطة التي ستوافق عليها إسرائيل لليوم الذي يلي الإعلان الرسمي بانتهاء الحرب.
بينما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، الذي يرفض التقدم في صفقة الأسرى وفق شروط تقضي بانسحاب جيشه ووقف القتال وعودة الأسرى، اهتم خلال وجوده في الأمم المتحدة نهاية الشهر الماضي، بضمان تحقيق مخططاته في غزة ومنح الضوء الأخضر للقيادتين الأمنية والعسكرية لبحث عمليات حربية في القطاع تكون مقدمة لخطة الضباط التي بلورها الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي غيورا إيلاند، وفي مقدمها إخلاء سكان شمال القطاع خلال مهلة لا تتعدى أسبوع وسيطرة الجيش على المنطقة وإجراء مسح شامل فيها وتنفيذ عمليات بهدف القضاء على مقاتلي “حماس”، وستنفذ العملية تحت شعار “إما الاستسلام أو الموت”، وسيكون الشمال بداية لسيطرة الجيش على مناطق أخرى في القطاع.