منذ الصباح الباكر، تهتز فرنسا على وقع الدماء والقتلى التي تناثرت على أراضيها وخارجها، بعد أن أشعل قطر وتركيا والإخوان نار الفتنة الطائفية تجاهها والعنف والغضب الإسلامي، بعد تصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون منذ بداية الشهر الجاري ضد الإسلام والرسول الكريم، والتي رسخها مجددا قبل أيام أثناء تأبين المعلم المذبوح، لينتقل التطرف من فضاء مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات إرهابية.
على بُعد أقل من كيلومتر واحد من موقع حادث دهس يوم الباستيل لعام 2016، شهدت نيس الفرنسية مجددا، اليوم، هجوما داميا في كنيسة نوتردام؛ ما أسفر عن مقتل 3 أشخاص، اثنان منهم ذبحا، وكشف رئيس بلدية المدينة، كريستيان إيستروزي، أن منفذ الهجوم الذي اعتقلته الشرطة “كان يردد بلا توقف الله أكبر”.
وبعد مرور ساعات قليلة، تكرر حادث آخر مشابه، ولكن هذه المرة في مدينة أفينيون بجنوب البلاد، حيث هدد رجلا المارة بسكين مرددا “الله أكبر”، قبل أن تتمكن قوات الأمن من قتله.
بعد تلك الحوادث الدامية، غادر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قصر الإليزيه، ليعقد “اجتماع أزمة” مع مسؤولي الأمن في البلاد، في مقر وزارة الداخلية، ثم انتقل لتفقد موقع الهجوم في نيس.
وبالتزامن مع تلك الأحداث في فرنسا، تعرضت القنصلية الفرنسية في مدينة جدة، اليوم، لعملية هجوم بآلة حادة، حيث أعلن المتحدث الإعلامي لشرطة منطقة مكة المكرمة الرائد محمد الغامدي، أن القوة الخاصة للأمن الدبلوماسي تمكنت من القبض على مواطن بالعقد الرابع من العمر بعد اعتدائه بآلة حادة على حارس أمن بالقنصلية الفرنسية بجدة نتج عنه تعرضه لإصابات طفيفة، مضيفا أنه تم نقل المصاب إلى المستشفى لتلقي العلاج اللازم، كما تم إيقاف الجاني واتخاذ الإجراءات النظامية بحقه.
ورغم تلك المحاولة للوقيعة بين فرنسا والمملكة، صفعت باريس الإرهاب بقوة، حيث أعلنت السفارة الفرنسية ثقتها في السلطات السعودية، من أجل كشف ملابسات الحادث وضمان آمن للمنشآت والجالية الفرنسية في السعودية، داعية مواطنيها في المملكة إلى اتخاذ أقصى درجات الحذر والحيطة، مؤكدة أنها تدين بشدة “هذا الاعتداء الأثيم ضد منشأة دبلوماسية”، بجانب دعمها التام للضحية.
ويمثل ذلك أحد أوجه الازدواجية القطرية، حيث استغلت الدوحة غضب المسلمين تجاه تصريحات ماكرون وسارعت للمتاجرة بدعم حملة مقاطعة المنتجات الفرنسية بهدف دعم منتجات حليفتها تركيا، والترويج للمنتجات التركية كبديل، لرفع قيمتها المالية وتحسين الأوضاع الاقتصادية بتركيا، جراء استمرار مقاطعة السعودية للمنتجات التركية، والدفع الشعبي بتونس والجزائر لاتباع الأمر نفسه، ما كبد أنقرة، خاصة المستثمرين وأصحاب الحرف اليدوية البسيطة خسائر فادحة.
ودشنت قطر وتركيا والإخوان حسابات وهمية تدعو للمقاطعة، مستغلة العاطفة الدينية لتأجيج مشاعر الغضب ضد فرنسا وتحويلها إلى دعوة لقبول المنتجات التركية كبديل “مسلم” للمنتجات الفرنسية، كمحاولة من أنقرة لإنقاذ بضائعها في أسواق الشرق الأوسط، لاسيَّما لكون فرنسا منافسا قويا لها فيها، رغم أن التبادل التجاري بين تركيا وفرنسا بلغ نحو 14.7 مليار دولار خلال 2019.