يعتبر اليوم الأحد حاسمًا في تركيا، إذ يتوجه ملايين الناخبين إلى مراكز التصويت لانتخاب رؤساء البلديات والإداريين، في انتخابات محلية تعد مقياسًا لشعبية الرئيس رجب طيب أردوغان، حيث يأمل حزبه الحاكم استعادة السلطة في المدن الرئيسية التي خسرها في الانتخابات التي جرت قبل خمس سنوات، وعلى رأسها بلدية اسطنبول.
وفتحت مراكز الاقتراع أبوابها اليوم الساعة السابعة صباحًا في شرق تركيا، وينتهي الساعة الخامسة مساء، ومن المتوقع صدور النتائج الأولية بحلول الساعة العاشرة مساء (1900 بتوقيت غرينتش).
وأظهرت استطلاعات الرأي تقارب السباق الانتخابي في إسطنبول، المدينة التي يبلغ عدد سكانها 16 مليون نسمة والتي تقود الاقتصاد التركي، حيث يواجه إمام أوغلو تحديًا من مرشح حزب العدالة والتنمية والوزير السابق مراد قوروم.
ومن المنتظر أن تساهم عدة عوامل في نتائج الانتخابات منها المشاكل الاقتصادية الناجمة عن التضخم المتفشي الذي يقترب من 70%، فضلا عن تقييم الناخبين الأكراد والإسلاميين لأداء الحكومة وآمالهم في التغيير السياسي.
وسبق أن تسبب رئيس بلدية إسطنبول إمام أوغلو لأردوغان وحزبه العدالة والتنمية في أكبر ضربة انتخابية منذ عقدين في السلطة بفوزه في انتخابات عام 2019، ورد الرئيس في 2023 بتأمين إعادة انتخابه رئيسًا للبلاد والفوز بأغلبية برلمانية مع حلفائه القوميين.
لذا يمكن لانتخابات اليوم أن تعزز الآن سيطرة أردوغان على تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، أو تشير إلى تغيير في المشهد السياسي المنقسم في البلد ذات الاقتصاد الناشئ المهم، ويُنظر إلى فوز إمام أوغلو على أنه يغذي التوقعات بأن يصبح زعيما وطنيا في المستقبل.
وتعتبر الجائزة الكبرى لأردوغان هي إسطنبول، فإنه يسعى أيضًا إلى استعادة العاصمة أنقرة، وسبق أن فازت المعارضة بالمدينتين في عام 2019 بعد أن كانتا تحت حكم حزب العدالة والتنمية وأسلافه الإسلاميين على مدى السنوات الخمس والعشرين الماضية، وقد يساعد فوز حزب أردوغان على مواصلة التعديلات الدستورية التي تتيح له الاستمرار في الحكم بعد انتهاء ولايته الحالية.
وزادت فرص أردوغان بسبب انهيار تحالف المعارضة الذي هزمه العام الماضي، على الرغم من أن إمام أوغلو لا يزال يحظى بقبول الناخبين خارج حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي، وكان للناخبين من الحزب الرئيسي المؤيد للأكراد دور حاسم في نجاح إمام أوغلو في عام 2019. ويقدم حزبهم، حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، هذه المرة مرشحه الخاص في إسطنبول، لكن من المتوقع أن يضع العديد من الأكراد الولاء للحزب جانبا ويصوتوا لصالح إمام أوغلو مرة أخرى.
بينما في جنوب شرق البلاد الذي تسكنه أغلبية كردية، يسعى حزب المساواة وديمقراطية الشعوب إلى إعادة تأكيد قوته بعد أن أطاحت الدولة برؤساء بلديات الحزب المؤيد للأكراد في أعقاب الانتخابات السابقة بسبب علاقات مزعومة مع المسلحين.
ومن بين الأسباب التي تضعف أردوغان هي زيادة التأييد لحزب الرفاه الجديد الإسلامي بسبب موقفه المتشدد ضد إسرائيل بشأن الحرب في غزة وعدم الرضا عن أسلوب تعامل حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية مع الاقتصاد، لذا عقد أردوغان بنفسه تجمعات انتخابية في أنحاء البلاد، وبحملات انتخابية نيابة عن المرشحين لمنصب رئيس البلدية.
ويرى محللون أن استعادة إسطنبول وأنقرة وتحقيق أداء قوي في صناديق الاقتراع من شأنه أن يعزز عزم أردوغان على وضع دستور جديد يتيح له الاستمرار في المنصب بعد عام 2028 عندما تنتهي فترة ولايته الحالية. ويحدد الدستور الحالي مدة الرئاسة بفترتين فقط، مضيفين أن أردوغان وحلفاءه لا يملكون حاليا عددًا كافيًا من المقاعد في البرلمان لسن دستور جديد، لكن فوزًا انتخابيًا آخر قد يدفع بعض نواب المعارضة المحافظين إلى تغيير موقفهم.
وفي سياق متصل، قتل شخص وأصيب 12 آخرين في حوادث على هامش الانتخابات البلدية في جنوب شرقي البلاد، التي انطلقت اليوم الأحد.