ألقت الحرب في غزة بظلالها على مختلف الأطراف المتداخلة والمتقاربة، ليتصاعد الخلاف بين إسرائيل وحزب الله من ناحية وتورط إيران من ناحية أخرى، وسط مخاوف إقليمية من تصاعد النزاع.
ومع تصاعد تلك المخاوف، كشفت مصادر مُطلعة عن بعض المعلومات عن التنسيق الجاري بين حزب الله وإيران، في تصريحات لوكالة رويترز، إذ أكدت سبعة مصادر مطلعة أنه وسط الهجوم الذي تتعرض له حماس في غزة، زار قائد فيلق القدس الإيراني إسماعيل قاآني بيروت في فبراير الماضي؛ لبحث المخاطر التي قد تنشأ إذا استهدفت إسرائيل جماعة حزب الله، وهو هجوم قد يلحق ضررًا جسيمًا بالشريك الإقليمي الرئيسي لطهران. كما أضافت المصادر أن قاآني اجتمع في العاصمة اللبنانية مع حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله للمرة الثالثة على الأقل منذ هجوم حماس في السابع من أكتوبر، موضحة أن الحديث تحول إلى احتمال أن تشن إسرائيل هجومًا شاملًا في لبنان.
كما ذكرت ثلاثة مصادر، وهم مسؤولون إيرانيون من الدائرة الداخلية للسلطة، أن مثل هذا التصعيد قد يضغط على إيران للرد بقوة أكبر مقارنة بما فعلته حتى الآن منذ السابع من أكتوبر، وذلك فضلًا عن الآثار المدمرة على حزب الله.
وأشارت جميع المصادر إلى أنه في الاجتماع الذي لم يعلن عنه سابقًا، طمأن نصر الله قاآني بأنه لا يريد أن تنجر إيران إلى حرب مع إسرائيل أو الولايات المتحدة وأن حزب الله سيقاتل بمفرده. وقال نصر الله لضيفه “هذه معركتنا”، حسبما قال مصدر إيراني مطلع على المباحثات.
وقال مصدران متوافقان مع آراء المسؤولين في طهران: إن إيران وحزب الله يُدركان المخاطر الجسيمة التي قد تترتب على حرب أوسع نطاقًا في لبنان، بما في ذلك توجيه ضربات للمنشآت النووية الإيرانية.
بينما أكد مصدران أمريكيان وآخر إسرائيلي أن طهران تريد تجنب عواقب أي حرب بين إسرائيل وحزب الله.
فيما أوضح مسؤولون إيرانيون أنه إذا قامت إسرائيل بعمل عسكري كبير ضد حزب الله، قد تجد طهران نفسها مضطرة إلى تكثيف حربها بالوكالة.
ومع ذلك، أكد مسؤول أمني إيراني أن تكلفة مثل هذا التصعيد قد تكون باهظة جدًا بالنسبة للجماعات المتحالفة مع طهران. وأضاف أن مشاركة إيران بشكل مباشر قد تخدم مصالح إسرائيل وتوفر مبررًا لاستمرار وجود القوات الأمريكية في المنطقة.
بينما يُرجح محللون أن اجتماع بيروت هذا يسلط الضوء على الضغوط التي تتعرض لها استراتيجية إيران المتمثلة في تجنب تصعيد كبير بالمنطقة، وفي الوقت نفسه إظهار القوة والدعم لغزة في أنحاء الشرق الأوسط من خلال الجماعات المسلحة المتحالفة معها في العراق وسوريا واليمن.
واعتبر جون ألترمان من مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية أن قاآني ونصر الله يريدان “إبعاد إيران بشكل أكبر عن عواقب دعم مجموعة من الجهات الفاعلة بالوكالة في الشرق الأوسط”، وأضاف “ربما لأنهما يقدران أن احتمالات القيام بعمل عسكري في لبنان تتزايد ولا تتراجع”.
وعلى مدار الأشهر الخمسة الماضية، أظهر حزب الله، دعمه لحماس من خلال إطلاق وابل محدود من الصواريخ عبر الحدود الشمالية لإسرائيل، إلا أن المواجهات بين الجانبين توسعت أخيرًا، ما فاقم مخاوف اللبنانيين من الغرق في حرب ثانية دامية لن يتحمل آثارها البلد الغارق في أزمة اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة منذ 2019.
وأدت الضربات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 200 من مقاتلي حزب الله ونحو 50 مدنيًا لبنانيًا منذ اشتعال المواجهات. فيما سقط 12 جنديًا إسرائيليًا وستة مدنيين على الجانب الإسرائيلي.