في ظل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعاني منها تونس، بعد اتجاهها للاعتماد على المصارف الدولية والعالمية، حذر تقرير دولي من دوامة مفزعة من الديون ستواجه تونس والعديد من المخاطر والتداعيات في ذلك السبيل.
ونشرت مجلة “جون أفريك” الفرنسية تحليلًا مفصلًا يتضمن تحذيرًا من اعتماد تونس على المصارف المحلية لهدف تعبئة موازنتها، وتلبية حاجاتها التمويلية المحلية، ما يعني تجنّب حالة الإفلاس، إذ أن ذلك لا يخلو من مخاطر وتداعيات، إذ يهددها بـ”دوامة مفرغة” من الديون.
وأضافت المجلة الفرنسية، أنه “في وقت لا تزال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي متوقفة، تواصل تونس دعوة القطاع المصرفي لتمويل عجز موازنتها”، مشيرة إلى أن البنوك التونسية قادرة على تلبية احتياجات التمويل المحلية للدولة في عام 2024، وفقًا لأحدث توقعات وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني.
وبحسب وكالة التصنيف فيتش، فإن “النمو الصحي للودائع (+6%)، وانخفاض الطلب على الائتمان” يضمنان ظروف السيولة الكافية، لكنها حذّرت من أن “الاعتماد الكبير يمكن أن يشكّل مخاطر على الاقتصاد الكلي، ويشدد شروط السيولة للبنوك، ويزيد من المخاطر في حالة التخلف عن السداد السيادي”.
ورغم حجم التداول الكبير والربحية المُرضية، فإن “النظام المصرفي في تونس لا يزال هشًّا”، بحسب ما أكده آرام بلحاج، الدكتور في العلوم الاقتصادية بجامعة قرطاج لـ”جون أفريك”.
وأوضح بلحاج، أن “الاتجاه التصاعدي للديون سيقود البلاد إلى خطر عدم القدرة على تحمل الديون، أو تدهور التصنيف السيادي، أو حتى التخلف عن السداد بحلول عام 2026”.
وأشار آرام بلحاج إلى أن: “اللجوء إلى التمويل الخارجي أمر ضروري لسداد خدمة الديون واستيراد العملات الأجنبية”. ويجب على الدولة “التركيز على القطاعات الأساسية التي توفر العملات الأجنبية (مثل السياحة والزراعة والتعدين) وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة”.
كما يرى الخبير الاقتصادي والمالي باسم النيفر من جانبه أنه “إذا تم استبعاد خطر التخلف عن السداد لعام 2024، فيجب على تونس أن تكون حذرة للغاية بشأن الدخول في دوامة مفرغة من الديون الداخلية”.
وأضاف: أنه “في الوقت الذي أصبحت فيه كل إشارات النمو حمراء، يجب على الدولة حتمًا إحياء الآلة الاقتصادية مع خفض ثقل الديون تدريجيًّا”.
وفي نهاية أكتوبر 2023، بلغ الديْن الداخلي 53.3 مليار دينار (حوالي 16 مليار يورو)، ووفقًا لتصنيفات وكالة “فيتش”، فإن احتياجات التمويل المالي سوف تصل أو تتجاوز 16% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا في الفترة 2024-2025، وهي واحدة من أعلى النسب بين الدول ذات التصنيف السيادي المتدني.
وبسبب استمرار خلافها مع صندوق النقد الدولي، بحثت تونس عن بدائل، عبر البنوك أو حتى التمويل المباشر للموازنة من قبل البنك المركزي التونسي، لسداد جزء من ديونها الخارجية. لكن باسم نيفر حذّر من أنه “في غياب الاتفاق مع صندوق النقد الدولي، لن تتحقق أهداف التمويل الخارجي”.
وبينما التقت الحكومة أخيرًا بوفد من كبار المسؤولين من البنك الدولي، أغلقت تونس الباب في ديسمبر الماضي أمام بعثة جديدة من صندوق النقد الدولي.
ويعارض الرئيس التونسي قيس سعيد “إملاءات” المؤسسة المالية، ويعتبر أن رفع الدعم عن بعض المنتجات الأساسية التي يطلبها صندوق النقد الدولي من شأنه أن يزيد من تفاقم وضع السكان الهشّ بالفعل.
وفي فبراير الماضي، أعلنت وزيرة المالية التونسية، سهام البوغديري، أن الحكومة لجأت إلى طلب تمويل مباشر من البنك المركزي لسداد ديون خارجية عاجلة، من بينها سندات دولية بقيمة 850 مليون يورو، يستحق سدادها في 16 فبراير الجاري.
ومن جانبه، قال محافظ البنك المركزي، مروان العباسي، للجنة المالية في البرلمان: إن سداد قرض خارجي بقيمة 850 مليون يورو سيؤدي إلى فقدان احتياطي العملة من الواردات لمدة 14 يومًا، وسيكون له تأثير على سعر الصرف، لكنه لن يؤثر على التضخم.