منذ بداية الحرب في قطاع غزة أكتوبر من العام الماضي، شهدت سوريا تداعيات جديدة، حيث قامت إسرائيل بقصف سوريا في استهداف لقوات الحرس الثوري الإيراني المتواجد في سوريا، ليضع إيران في مواجهة جديدة، ولكن بعد عدة أشهر لم تدخل إيران الصراع بشكل واضح بل استخدمت اذرعها العسكرية بالمنطقة مثل حزب الله ومليشيات الحوثي في مهاجمة الجانب الإسرائيلي.
ومؤخرًا بعدما قامت إسرائيل باستهدافات لضباط الحرس الثوري في دمشق، قامت طهران بتقليص نشر كبار ضباطه في سوريا بسبب سلسلة من الضربات الإسرائيلية المميتة، وسيعتمد أكثر على فصائل متحالفة مع طهران للحفاظ على نفوذه هناك، وأبرزها حزب الله فرع العراق وسوريا.
وفي إيران هناك جانب يريد الثأر من العمليات التي قامت بها إسرائيل داخل دمشق مستهدفة عناصر للحرس الثوري، وأبرزهم قادة كبار من الضباط، ولكن طهران حتى الآن لا تريد الانصياع لذلك؛ خوفاً من الدخول في حرب مع الغرب بقيادة الولايات المتحدة وإسرائيل في ظل تحديات وأزمات قد تعصف بطهران غير المستعدة.
إيران لا تنوي الانسحاب الكامل من سوريا، وستعتمد على إدارة عملياتها في سوريا عن بعد بمساعدة حزب الله اللبناني، والحرس الثوري نقل للجانب السوري مخاوفه من تورط قوات الأمن السورية في تسريب معلومات عن قواته.
وقد اتهمت إيران في 25 ديسمبر إسرائيل بقتل رضي موسوي، القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في ضربة شنتها قرب دمشق، وقتل 13 شخصًا بينهم خمسة مستشارين في الحرس الثوري الإيراني جراء غارة إسرائيلية استهدفت مبنى في حي المزة في دمشق في 20 يناير.
وقالت وسائل إعلام إيرانية: إن مسؤول استخبارات الحرس الثوري في سوريا كان بين الضحايا، وتتزامن هذه الضربات مع الحرب الدائرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، والتي تزداد الخشية من اتساع رقعتها.
وقد استهدفت إسرائيل منذ ذلك الحين مرارًا الأراضي السورية، وطال القصف مرات عدة مطار دمشق وحلب الدوليين، وأيضًا مواقع تابعة لحزب الله، وشنت إسرائيل خلال الأعوام الماضية مئات الضربات الجوية في سوريا طالت بشكل رئيسي أهدافاً إيرانيّة وأخرى لحزب الله، بينها مستودعات وشحنات أسلحة وذخائر.
ونادراً ما تؤكد إسرائيل تنفيذ هذه الضربات، لكنها تكرر أنها ستتصدى لما تصفه بأنه محاولات طهران ترسيخ وجودها العسكري في سوريا.
والإثنين، قتل 8 أشخاص، بينهم عناصر في مجموعات موالية لطهران، في قصف إسرائيلي استهدف مقرًا لهذه المجموعات في منطقة السيدة زينب قرب دمشق.
وتقول الباحثة السياسية في الشأن الإيراني، سمية عسل: إن الواضح أن إيران بدأت استخدام ترسانة الصواريخ الباليستية التي تمتلكها في محاوله لفرض الوجود واستعراض القوه العسكرية أمام الخصوم، وعلى حساب المدنيين الأبرياء في أربيل وسوريا، وهي بمثابة رسائل ترسلها إيران إلى كل من أمريكا وإسرائيل وبريطانيا ومن بعدهم الدول الأوروبية، رسائل تنطوي على تهديد مباشر للدول بأن إيران ستعمل في الأيام القادمة على جر المنطقة إلى صراع إقليمي سواء بالتدخلات الإيرانية في البحر الأحمر عبر الحوثي.
وأضافت عسل – في تصريحات خاصة لملفات عربية -: أن إيران تريد حماية عناصر الحرس الثوري، وهم الفئة الأهم في إيران، وبالتالي قرار سحبهم من سوريا واضح لحمايتهم في ظل قصف متعمد من إسرائيل نحو دمشق، ومع ذلك فإيران لن تترك سوريا، حيث يتواجد حزب الله الذراع العسكري لإيران، وبالتالي لن يخسروا المزيد بل سيكون الصراع أكبر في ظل تدخل حزب الله بدلاً عن إيران.