منذ السابع من أكتوبر وتحولت الحرب ما بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية إلى حرب موسعة، حيث قادت جبهات أخرى الحرب لتدخل في الصراع وعلى رأسها حزب الله اللبناني المدعوم من طهران، حيث حوَّل بوصلة الحرب بنسبة كبيرة نحو جنوب لبنان.
ومع ذلك فيعاني لبنان من أزمات سياسية كبرى، وظهرت في السنوات الأخيرة، وعلى رأسها قضية الفراغ الرئاسي الذي يعاني منه لبنان من أشهر عديدة، وهو ما استدعى حالة من التخبط السياسي في لبنان، وهو ما يبرز الدور الخاص بحزب الله في لبنان.
ومؤخراً تحولت الدولة اللبنانية إلى وسيط بين الغرب وحزب الله في المفاوضات الجارية؛ سعياً لعدم توسع الحرب الدائرة في الجنوب، في ظل عدم وجود قرار في لبنان نحو الحرب، وهذا الواقع يعكسه الحراك السياسي واللقاءات التي تعقدها الوفود الغربية مع المسؤولين اللبنانيين؛ إذ في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية يملك صلاحية التفاوض، فإن هذه المهمة تتوزع بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري، إضافة إلى دخول بعض الأطراف على الخط، على غرار نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب، حيث إن جميعهم يتحولون إلى حلقة وصل بين هؤلاء و”حزب الله”.
وقد اجتمع النائب في حزب القوات اللبنانية، رازي الحاج والنائب أشرف ريفي، على وصف الدولة اللبنانية بأنها ليست اليوم فقط وسيطاً بين دول القرار وحزب الله، إنما هي رهينة بيد الأخير، معولين على المفاوضات التي تحصل لتغيير هذا الواقع وتطبيق القرارات الدولية، وعلى رأسها القرار 1701 ونزع سلاح حزب الله.
وإذا كان معارضو الحزب ينتقدون سيطرة حزب الله على قرار الدولة، فإن المسؤولين في لبنان لا ينفون هذا الأمر، إنما يتعاملون معه بوصفه أمراً واقعاً، بانتظار أن تتبدل المعطيات الإقليمية والدولية، وهو ما يظهر جلياً في تعاطيهم مع المستجدات الحاصلة منذ بدء الحرب على غزة؛ حيث قال صراحة رئيس حكومة تصريف الأعمال، نجيب ميقاتي، إن قرار الحرب والسلم ليس بيد الحكومة، مع تأكيده أن حزب الله يتعاطى بعقلانية في هذا الموضوع.
ويقول الباحث السياسي اللبناني طوني حبيب: إن الأصحّ السؤال كيف عاد لبنان ساحة لنقل الرسائل بين محور الممانعة “المستجد” على الساحة الدولية، وبين الغرب، فبعد “اتفاق القاهرة” الشهير في العام 1969، الذي أصبح لبنان من بعده ساحة للفدائيين الفلسطينيين لشن هجماتهم على إسرائيل، أصبحت الساحة اللبنانية مفتوحة لنقل الرسائل إلى الولايات المتحدة الأميركية أو أيّ دولة غربية، لمن أراد من المجموعات المناهضة للغرب.
وأضاف حبيب في تصريحات خاصة لـ”ملفات عربية”: نجحت إسرائيل بعد اجتياحها للبنان بإبعاد العامل الفلسطيني العسكري، وذلك بعد أن أخرجت “أبو عمار” من بيروت إلى تونس في العام 1982، كما سعى اللبنانيون إلى طي صفحة الحرب الأليمة والتي توّجت بلقاء مصالحة بين اللبنانيين والفلسطينيين في بيت الكتائب المركزي الصيفي في العام 2008.
كما استطاع حزب الله، بعد عملية “طوفان الأقصى”، أن يعيد إلى الساحة اللبنانية العامل الفلسطيني؛ وعادت المنظمات الفلسطينية، العاملة تحت مظلة الحزب، لتلعب مجددا تحت مسمى “حماس لاند”، بعد أن كانت الساحة تُعرف بـ”فتح لاند”!
وبالرغم من رفض اللبنانيين الغيورين على سيادة البلد لما يحدث، وهو أمر تكرره قياداتهم المدنية والدينية، إلا أن حزب الله، بحكم سيطرته على مفاصل الدولة اللبنانية بفعل الاحتلال الإيراني، الأمر الذي لطالما دعا لمحاربته قسم من المجموعات السياسية، استطاع الحزب تحت عنوان “دعم غزة” أن يعيد لبنان واللبنانيين إلى مرحلة كانوا قد ظنّوا أنها مرّت ولن تعود.