مع دخول الحرب في السودان الشهر السادس لها أصبحت البلاد مجرد كومة من الخراب، ولا سبيل للمواطنين للعيش فيها في ظل انهيار كل قطاعات البلاد، حيث باتت الاشتباكات بين قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي وقوات الجيش السوداني بقيادة البرهان متصاعدة بشكل كبير.
وآخر التطورات هي قصف المستشفيات التي سببت موجة غضب كبرى في الشارع السوداني، والمرضى يطلبون العلاج فيعودون أشلاء متطايرة جراء مقذوف طائش.
ويذهب بعض المرضى إلى المشافي السودانية طلباً للتداوي، لكن المحزن أنهم يعودون إلى بيوتهم “أشلاء مقطعة”، أو تجمع أعضاؤهم المتناثرة لتدفن كيفما، وأينما اتفق.
وقد يحصل في أحيان أخرى أن تتناثر جثة محمولة على الأكتاف إلى المقابر، وتختلط بأشلاء المشيعين، جراء قذيفة استهدفت مستشفى، أو أخرى طائشة تقع على المشيعين في طريقهم إلى المدافن، الأمر الذي أثار موجة غضب عارمة بين المواطنين ضد طرفي القتال اللذين يفجران كل شيء، بما في ذلك المرضى ومواكب التشييع.
والحرب التي تقترب من شهرها السابع، حصدت قذائف وصواريخ وطائرات ورصاصات المتقاتلين أرواحاً عدة داخل، أو بالقرب من مشافي الخرطوم أو مشافي إقليم دارفور وكردفان.
وقد أدى ذلك إلى إصابة الناس بحالة من الحزن العميم، اجتاحت البلاد، إلى جانب موجة غضب عارمة تناقلتها وسائط التواصل الاجتماعي، مطالبة المتقاتلين بوقف الحرب التي تقتل طالبي العلاج.
وبالقرب من مناطق الاشتباكات، فإن مَن لم يمت بأسلحة الطرفين قد يلقى حتفه بسبب عدم توفر الخدمات الطبية، وعدم وجود ممرات آمنة تمكنه من الوصول إلى الخدمات العلاجية الشحيحة، بسبب استهداف الكوادر الصحية، وندرة الدواء.
وصول الأطباء ومساعديهم إلى المشافي هو بحد ذاته مغامرة قد تكلف أحدهم حياته، وقد قتل عدد من الأطباء وهم يهمون بإسعاف مصابين أو مرضى، فمنذ اندلاع الحرب، أغلقت أكثر من 100 مستشفى ومرفق صحي في البلاد أبوابها، إما لوقوعها في مناطق الاشتباكات، أو لتعرضها للقصف المباشر.
يأتي ذلك في ظل تبادل الاتهامات بارتكاب جرائم الحرب ضد المواطنين من قِبل طرفي القتال، وتقدمت الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وإيطاليا والنرويج بمشروع قرار إلى مجلس حقوق الإنسان تطالب فيه بإرسال بعثة تقصي حقائق من ثلاثة خبراء للوقوف على الانتهاكات ضد المواطنين خلال الحرب، وتحديد المسؤوليات.
لكن وزارة الخارجية السودانية رفضت تشكيل تلك اللجنة، متذرعة بأن مَن يرتكب الجرائم هي قوات “الدعم السريع”، وأن الجيش يصد عدوان القوات المتمردة، بينما أبدت قوات “الدعم السريع” ترحيبها بتكوين اللجنة.