عاد اسم عمران خان ليتصدر محركات البحث سريعا، ليتجه من الكريكيت إلى الملعب السياسي الذي احترفه لأعوام إلى خلف القضبان، فرغم خروجه من الحياة السياسية في باكستان، إلا أنه ما زال تحت دائرة الأضواء، خاصة مع قرب الانتخابات التي كان يسعى ليكون جزءا منها ولكن تم استبعاده ومنعه من ممارسة أي عمل سياسي وإدانته وحبسه.
وقررت لجنة الانتخابات الباكستانية منع رئيس الوزراء السابق عمران خان من ممارسة العمل السياسي لخمس سنوات بعد إدانته وحبسه بتهم فساد، فيما يقول فريقه القانوني إنه محتجز في ظروف مزرية، كما أضافوا: “عمران أحمد خان نيازي فقد الأهلية لمدة خمس سنوات”.
وتمنع القوانين في باكستان أي شخص تثبت إدانته من الترشح لأي منصب عمومي لفترة تحددها لجنة الانتخابات وقد تصل إلى خمس سنوات كحد أقصى من بداية صدور الحكم بإدانته.
وحُكم على خان، الذي ينفي ارتكاب أي مخالفات، بالسجن لثلاث سنوات يوم السبت بتهمة بيع هدايا منحت للدولة بطريقة غير قانونية بعد أن حصل عليها هو وعائلته خلال فترة ولايته من 2018 إلى 2022، واعتقل خان من منزله في لاهور واقتيد إلى سجن بالقرب من إسلام آباد.
ظروف مزرية بزنزانة صغيرة من الدرجة الثالثة، هي الوصف الذي أطلقه فريق خان القانوني على محبسه، حيث إنه محتجز في غرفة بها مرحاض مفتوح بسجن في أتوك بالقرب من العاصمة إسلام آباد في حين أنه يستحق الاحتجاز في زنزانة من الفئة الثانية ملحق بها حمام منفصل مع توفير الصحف والكتب وجهاز تلفزيون.
ولد عمران خان لأبوين هما إكرام الله خان نيازي وشوكت خانم في مدينة ميانوالي في 25 نوفمبر 1952، وهو الأخ الوحيد لأربع أخوات، ثم التحق بكلية “إيتشي سون” بعد أن تلقى تعليمه الابتدائي في مدرسة الكاتدرائية في لاهور، أكمل خان بعدها الشهادة العليا في مادة الاقتصاد من جامعة أكسفورد، وكان خان قائد فريق الكريكيت لجامعة أكسفورد أيضاً.
بدأ خان مسيرته ولفت الأنظار إليه من خلال الرياضة، حيث كان في الفريق الوطني الباكستاني للكريكيت في عام 1971، وقاد الفريق الباكستاني الذي فاز بكأس العالم الوحيد في عام 1992 وتقاعد بعد ذلك من لعبة الكريكيت.
وبعد فوزه في الكأس العالم، قدم البرنامج الأسترالي الشهير “ستون دقيقة” وثائقياً عن خان بعنوان “عمران خان: الإله الحي”، وسافر فريق البرنامج إلى باكستان لصناعة هذا الوثائقي وتم تصوير جوانب متعددة من حياة عمران خان، ولعل أهم جزء في الوثائقي كان حفل غداء نظم للفريق الفائز وعمران خان مع رئيس الوزراء آنذاك نواز شريف، قال فيه: “أنا أدرك أنني لن أستطيع أن أكون سياسياً”.
ولكن تغير المشهد بعد أربعة أعوام فقط من هذا اللقاء في عام 1992، حيث أسس عمران خان حزبه السياسي “حركة الإنصاف” وأصبح بعد سنوات الخصم الأول لنواز شريف في عالم السياسة، وهو ما أرجع سببه في أكثر من لقاء إلى أنه عندما بدأ العمل على إنشاء مستشفى لعلاج السرطان باسم والدته، أدرك حجم الفساد في الشؤون الحكومية، حينها قرر أن يدخل مجال السياسة، لكن ربما لم يكن هذا هو السبب الوحيد لتغيير رأي خان، على رغم أنه لم يصرح بذلك علناً، إلا أن الدعم الشعبي الذي تلقاه أثناء بناء المستشفى أجبره على التفكير في إمكان تحويل هذا الدعم إلى أصوات انتخابية.
وبعد عام واحد من تأسيسه في مدينة لاهور، خاض حزب عمران خان أول انتخابات له في عام 1997، وكان رمزه الانتخابي آنذاك المصباح، ولم يحالفه الحظ، لكنه نجح في كسب أول مقعد له في البرلمان في انتخابات عام 2002، من مسقط رأسه ميانوالي.
بعد خروجه من البرلمان سمح ذلك لحزب “حركة الإنصاف” بتقوية هيكله وبدأ التركيز على الشباب وإيصال رسالة عمران خان إلى الكليات والجامعات من خلال اتحاد الطلاب التابع للحزب، كما أدرك الحزب أهمية وسائل التواصل الاجتماعي وحافظ على وجوده هناك، وبدأ حزب عمران خان يتوسع وبدأ السياسيون ينضمون إليه. جهانغير ترين كان أحد أبرز الأسماء التي انضمت وعملت على تطوير الجناح الإعلامي والدعاية في الحزب من خلال الإشراف والدعم المالي، ما أدى إلى زيادة شعبية الحزب في المدن الرئيسية بباكستان.
وهو ما ساعد عمران خان في الفوز بالانتخابات العامة التي خاضها تحت شعارات شعبوية مثل “مكافحة الفساد وتوفير الوظائف والمحافظة على الكرامة الوطنية” بعد سنوات طويلة من المعارضة السياسية، وأدى اليمين الدستوري في 18 أغسطس 2018 كرئيس وزراء باكستان الثاني والعشرين.
خرج عمران خان من السلطة في إبريل 2022 من خلال قانون حجب الثقة في البرلمان، وبعدها بدأ عمران خان بتشكيل سردية ضد الجيش، ووصل الخلاف إلى أوجه في التاسع من مايو 2023، حين أحرق أنصاره منشآت عسكرية حساسة بعد اعتقاله، وبدأ الخناق يضيق على خان أكثر وأكثر بعد أحداث مايو وتفرقت قيادات جماعته بين أسير وهارب أو تارك للحزب، كما تم اعتقال الآلاف من أنصاره.
واقتصرت أنشطة عمران خان بعد ذلك على مواجهة القضايا وصار يحضر في محكمة تلو الأخرى في مختلف المدن ليواجه أكثر من 200 قضية سجلت ضده بعد أحداث مايو، كما فارقه بعض كبار قادته في هذا الوقت الصعب.
ووقع خان في قلب الاضطرابات السياسية منذ إقالته من منصب رئيس الوزراء في تصويت على حجب الثقة العام الماضي، ما أثار مخاوف بشأن الاستقرار في الدولة التي تعاني من أزمة اقتصادية.