طالما كان عزاء الشيعة على مقتل الإمام الحسين، يصطبغ بروح معارضة مستلهماً من الحالة الثورية؛ إذ ينادون بالعدالة والحرية ونفي الاستبداد طوال عزائهم للحسين وأصحابه، وهو ما استغله الثوار في إيران ضد نظام الحكم الاستبدادي.
وبعد أن استولى المتشددون الإسلاميون على زمام الأمور في إيران منذ عام 1979، وتأسيس نظام الجمهورية الإسلامية برئاسة رجل يلقب بـ”الولي الفقيه” بدلاً من الملك الشيعي، بات عزاء عاشوراء الذي يستمر طوال شهري محرم وصفر، يفقد حالته المعارضة واليوم عادت من جديد المعارضة في إيران خلال الاحتفالات.
أخذت مناسبة عاشوراء أهم المراسم الدينية في إيران طابعاً احتجاجياً، تحت تأثير الأزمات السياسية والاجتماعية والاحتجاجات العنيفة التي هزت البلاد، بعد وفاة الشابة مهسا أميني في سبتمبر 2022.
وتمثل الانتقادات تحدياً للإجراءات الأمنية المشددة التي تتخذها السلطات لمنع تكرار الاحتجاجات في الذكرى السنوية الأولى.
وقد انتشرت مقاطع مصورة في إيران خلال ذكرى عاشوراء يظهر فيها منشدون دينيون وهم ينشدون قصائد فيها بعض الانتقادات للسلطات في البلاد؛ ما أثار غضب النظام.
وفي عدة مدن إيرانية احتج بعض المنشدين على سقوط ضحايا من المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي شهدتها البلاد بعد مقتل الفتاة الشابة مهسا أميني في أحد أقسام شرطة الأخلاق بطهران.
واحتج منشدون أيضا على قمع السلطات لمن يعارضون ارتداء الحجاب الإجباري، وذلك بالإضافة إلى إبداء غضبهم من ارتفاع الأسعار وزيادة نسبة الفقر بين السكان.
وفرضت مطالب المحتجين وشعاراتهم نفسها في سياق الأناشيد والخطابات بالتكايا الدينية والمجموعات خلال المراسم التي تركز على سرد حادثة كربلاء في بداية شهر محرم من كل عام، لتحول بذلك ترانيم أشهر مناسبة إلى محور لانتقاد الحكام.
وطرح منشدون وخطباء في أنحاء البلاد، المشكلات المعيشية والاتهامات التي تواجه الحكام ووصفوها بـاللامبالاة والإهمال، على خلاف السرد التقليدي في مراسم عاشوراء التي تتمحور حول مآسي الحسين بن علي، الإمام الثالث لدى الشيعة؛ الأمر الذي أثار غضب الدوائر الرسمية. ومن أبرز المقاطع التي جرى تداولها كانت للمنشد الشهير، غلامالي كوفيتيبور، الذي أنشد قصيدة بعنوان “القائد”، وقال في أحد مقاطعها: “إنهم يقضون على الشباب يا حاج”.
يُذكر أن المرشد الإيراني، علي خامنئي، ألقى باللوم في الأحداث الإيرانية الأخيرة على “العدو”، واتهم مرة أخرى “إسرائيل”، و”أميركا” بتحريض المتظاهرين.