ذات صلة

جمع

من الأحكام إلى المصادرات.. الأردن يدخل مرحلة الحسم ضد بقايا الإخوان

في خطوة حاسمة ضمن المواجهة المستمرة مع تنظيم الإخوان...

ترحيل عبر القارات.. هل يمهد ترامب لنقل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا؟

في خطوة تُثير جدلًا قانونيًا وأخلاقيًا واسعًا، كشفت مصادر...

ورقة الدروز في يد إسرائيل.. تفكيك جديد لسوريا تحت غطاء الحماية

في خضم التوترات المتصاعدة في سوريا، تُبرز الأحداث الأخيرة...

“تصعيد عسكري في سماء اليمن.. تنسيق بريطاني أميركي يضرب قلب الحوثيين”

في تطور لافت ضمن المواجهة المتصاعدة بالبحر الأحمر، شنت...

الاقتصاد العراقي ضحية الصراع الأميركي العراقي.. هل يتمكن من النجاة بعد التدهور الحالي؟

شهدت الأوضاع الاقتصادية في العراق تدهورًا كبيرًا، بعد قرار فرض العقوبات الأميركية على 14 مصرفاً محلياً، لاتهامها بتهريب العملة الصعبة إلى إيران، بينما اضطربت أسعار الصرف أمام الدولار بصورة مخيفة؛ ما يكشف الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي في السوق السوداء.

لذا وجه خبراء اقتصاديون دعوات إلى البنك المركزي العراقي لوقف إسناد المصارف العراقية المعاقبة، والإتاحة لها شراء الدولار مرة أخرى عبر تسهيلات “التفافية” على الإدارة الأميركية، محذرين من مغبة الدخول في الصراع الأميركي الإيراني الذي قد يعرّض البنك المركزي لعقوبات أميركية مستقبلاً.

قبل حوالي أسبوع، أعلنت الولايات المتحدة فرض عقوبات على 14 مصرفا عراقيا، ومنعتها من التعامل بالدولار، في آخر قرارات العقوبات الأميركية، بغرض معاقبة هذه البنوك هو منع “غسيل الأموال” وتحويل الدولار الأميركي إلى إيران، ولكن تدهورت الأوضاع بصورة غير متوقعة في بغداد.

ولم تكن هذه العقوبات هي الأولى؛ إذ فرض الفيدرالي الأميركي قبل أشهر عقوبات على أربعة مصارف عراقية، ووفقاً لما أوردته صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية الأسبوع الماضي نقلاً عن مسؤولين أميركيين، فإن الخطوة جاءت بعد الكشف عن معلومات تفيد بأن البنوك المستهدفة متورطة في عمليات غسل أموال ومعاملات احتيالية، وذكرت الصحيفة أن بعض هذه العمليات ربما تتعلق بأفراد خاضعين للعقوبات؛ ما يزيد المخاوف من أن إيران ستكون مستفيدة منها.

وأوضح مسؤول أميركي كبير للصحيفة أن لدى الولايات المتحدة سبباً قوياً للشك في أن بعض عمليات غسل الأموال هذه قد تعود بالفائدة، إما لأفراد مشمولين بالعقوبات الأميركية، أو لأشخاص يمكن أن تشملهم العقوبات، وأضاف أن “الخطر الأساسي للعقوبات في العراق يتعلق بإيران بالتأكيد”.

وعقب ذلك، وتحديدا في نهاية الأسبوع الماضي، ارتفع الدولار الأميركي مجدداً في مقابل الدينار العراقي في تعاملات ليسجل نحو 1540 ديناراً في الأسواق، بعد أن كان 1480 ديناراً، وذلك بعد فرض البنك الفيدرالي الأميركي عقوبات على 14 مصرفاً عراقياً.

وبدأت مراحل انهيار الدينار العراقي منذ عام 2018، مع تصاعد عمليات تهريب الدولار الأميركي إلى سوريا وإيران، ثم تفاقمت هذه المعضلة تزامناً مع تطبيق البنك الفيدرالي الأميركي لعملية ربط البنك المركزي العراقي بالمنصة الإلكترونية من خلال (نظام سويفت) Swift لتتبع الحوالات النقدية، فقد هدفت الولايات المتحدة الأميركية إلى تطبيق هذا النظام المصرفي لمراقبة حركة الدولار والتأكد من عدم تهريبه إلى الدول الإقليمية الخاضعة للعقوبات الأميركية.

وما أن أعلنت وسائل الإعلام خبر معاقبة أميركا للمصارف العراقية المقرّبة من إيران، حتى تصاعدت أسعار صرف الدولار مقابل الدينار العراقي الذي أخذ بالتراجع كثيراً، وهو ما دفع البنك المركزي إلى إصدار قرارات عدة، أبرزها: توسيع نوافذ بيع الدولار، ليشمل شركات الصيرفة التي هي دون المصارف المالية، من حيث الترتيب، وأتاحت الفرصة للمصارف المعاقبة للتعامل بالعملة الوطنية والعملات الأجنبية غير الدولار.

ورداً على العقوبات الأميركية أوضح البنك المركزي العراقي في بيان له أن حرمان 14 مصرفاً من إجراء معاملات بالدولار يأتي على خلفية “تدقيق في شأن حوالات المصارف للعام الماضي، وقبل تشكيل الحكومة الحالية” في البلاد.

وأضاف البنك المركزي: أن “هذا الإجراء يتعلق بمصارف لا تشكل طلباتها سوى ثمانية في المئة من مجموع التحويلات الخارجية”، مبيناً أن المنع جاء “على خلفية تدقيق حوالات المصارف للعام الماضي (2022)، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضاً”، معتبرا أن “تلك المصارف لها مطلق الحرية في التعامل بالعملة المحلية، والتعامل الدولي بالعملات الأخرى غير الدولار الأميركي”.

وتابع البيان: إن “ما يعلن من سعر صرف في السوق يرتكز على الدولار النقدي الذي يمنحه البنك المركزي العراقي لتغطية طلبات المواطنين للسفر وغيره، وبسبب حاجة المواطن إلى العملة الوطنية يقوم بعض التجار وغيرهم بسحب الدولار لأغراض التجارة أو غيرها”، مشيراً إلى أن “هذا الأمر يؤدي إلى رفع سعر الصرف في السوق السوداء التي هي ليست سوقاً موازية، ما دام مصدر الدولار البنك المركزي وليس من داخل السوق”.

فيما انتقد خبراء اقتصاديون معالجات البنك المركزي العراقي لأزمة تهريب الدولار من قِبل المصارف المعاقبة، وإتاحة الفرصة لها للحصول على العملة الصعبة عن طريق عناوين ثانوية، وهو ما يعرّض البنك المركزي لعقوبات أميركية في المستقبل.

وأكدوا أنّ “قرار البنك المركزي الأخير، بالسماح لشركات الصيرفة المالية بأن تدخل بشكل مباشر للنافذة الوطنية لبيع الدولار، هو واحد من الأمور التي ستخفف من ضغط العقوبات الأميركية على المصارف العراقية المعاقبة”، فضلا عن أنّ “معظم هذه المصارف تمتلك شركات صرافة محلية، وأنّ إمكانية تغيير أسماء المصارف يتيح لها العودة إلى النافذة الوطنية واستلام الدولار بالسعر الرسمي، وبيعه بسعر أكبر، أو تهريبه إلى خارج العراق”.

وأضافوا: أنّ “البنك المركزي العراقي يعلم جيداً أسماء الشركات المالية الصغيرة، ولديه قائمة بأعدادها، وهذا الأمر يعرّض البنك المركزي لعقوبات أميركية في حال استخدام هذه الحيلة لصالح المصارف الأهلية المعاقبة”، مشدداً على البنك المركزي “بوجوب محاسبة من يهرّب العملة الأميركية”.

ولوّحوا إلى إمكانية انهيار الاقتصاد المحلي في حال استمرار الحكومة في النظام المصرفي المعمول به حالياً؛ إذ توجد “هناك حالة هلع وقلق في السوق، والمواطن والتاجر يبحثان عن شراء الدولار خوفاً من المزيد من انهيارات سعر الدينار”، وذلك بعد “استنزاف هائل لمليارات الدولارات العراقية، أحرقها البنك المركزي في مزاداته خلال الأشهر الماضية للمحافظة على سعر صرف وهمي، انتهى مفعوله بسبب نتائج احتيال المصارف التي يتعامل معها”.

وكان “البنك الفيدرالي الأميركي يعتمد على تبادل المعلومات بشكل واسع مع البنك المركزي العراقي لتقييم عمل المصارف وإرسال التحذيرات والمطالبات حسب القواعد المتفق عليها، لكن مع مرور الوقت يبدو أنّ الثقة بالمركزي لم تعد كما كانت؛ بسبب ضعف أدائه الإصلاحي وبطء إجراءاته، وشبهات تخادمه مع مصارف يحوم حولها الكثير من الشكوك”.

وسبق أن حصلت الولايات المتحدة على معلومات تُظهر أن هذه البنوك قد تورطت في عمليات غسيل أموال ومعاملات غير قانونية، بعضها مرتبط بأشخاص خاضعين للعقوبات؛ ما أثار القلق من أن إيران قد تكون مستفيدة من هذه العملية.

ويأتي فرض هذه العقوبات فيما تحاول السلطات العراقية في الأسابيع الماضية إيجاد طريقة لسداد ديون البلاد مقابل الكهرباء التي تحصل عليها من إيران.

spot_img