كارثة إنسانية ووبائية جديدة تلاحق السودان المتناحر أطرافها، بين القوات المسلحة وقوات الدعم السريع؛ إذ سيفجر انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت الطبية في البلاد أزمة كبيرة.
وقالت نقابة أطباء السودان: إن انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت الطبية في البلاد؛ نتيجة الاشتباكات القائمة سيتسبب في كارثة وبائية، ولاسيما بعد تكدس الجثث في المشارح.
وقالت النقابة: إن استمرار انقطاع تيار الكهرباء عن المنشآت الطبية نتيجة الحرب سيتسبب في كارثة وبائية، خصوصًا أنه لا يوجد أي كوادر طبية في مشارح العاصمة الخرطوم، مشيرة إلى أن هناك أكثر من 3 آلاف جثة منتشرة في طرقات العاصمة الخرطوم، تحللت بشكل جزئي على تلك الطرقات، حيثُ إنها لم تدفن أو تدخل المشارح.
وسبق أن كشفت وسائل إعلام سودانية عن وجود الآلاف من الجثث في الشوارع، التي تحللت في الهواء؛ ما قد يسبب أمراضا ووباء خطيرا في البلاد.
ويتزامن ذلك مع نداء الاستغاثة الذي وجهه حاكم ولاية شمال دارفور غربي السودان نمر محمد عبد الرحمن، بسبب تدهور الوضع الإنساني بالولاية، كاشفا أنّ ما تبقى من مخزون الغذاء يكفي لمدة 3 أسابيع فقط، بينما يستمر القتال العنيف بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني دون التوصل إلى اتفاق.
وقال حاكم ولاية شمال دارفور: إنّ الوضع بالولاية بات ينزلق إلى الأسوأ، وما تبقى من مخزون الغذاء يكفي لمدة 3 أسابيع فقط، نتيجة لاستنفاد المخزون الإستراتيجي من الغذاء وغياب الاستجابة الدولية، وأضاف أنّ السلطات المحلية غير قادرة على احتواء الأزمة أكثر من ذلك، مناشداً وكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني بمسارعة الخُطى في تقديم المساعدات للمتضررين.
ودعا عبد الرحمن إلى وقف القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وكذلك العمل على فتح مطارات إقليم دارفور لاستقبال المساعدات الإنسانية الدولية.
يأتي ذلك بعد أيام من تنبيه وزير الصحة والرعاية الاجتماعية بحكومة إقليم دارفور بابكر حمدين من نفاد الأدوية والمستهلكات الطبية في الإقليم، في حال عدم وصول المساعدات قريباً، مبيناً أنّ الوضع الأمني متقلب وغير مستقر، وقال حمدين: إنّ هناك اشتباكات متقطعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في محيط الأحياء والمواقع السكنية، وهذا الأمر ينعكس سلباً على الأداء الخدمي لمؤسسات الدولة والمرافق العامة.
فيما أكد نشطاء سودانيون ومجموعات تطوعية أنّ حصيلة قتلى النزاع في البلاد تتجاوز الأرقام المعلنة، مع استمرار الضربات الجوية والقصف المدفعي دون هوادة، وقد فشلت وساطات وجهود دولية في إنهاء الصراع الذي سلك منعرج الحرب الأهلية مهدداً المنطقة بأكملها.
وذكرت حصيلة لوكالة (رويترز) حول أعداد القتلى التي سجلها النشطاء إلى أنّ عدد الضحايا المدنيين في الخرطوم قد يكون أكثر من مثلي العدد الرسمي؛ ما يسلط الضوء على التأثير المدمر للحرب الدائرة منذ أكثر من 100 يوم على الشعب السوداني.
وأدت الحرب إلى إصابة أكثر من 12 ألف شخص، وتشريد ما يزيد على 3.5 مليون وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، وتصفها المنظمة بإحدى كبرى الأزمات الإنسانية في العالم.
وقدّر تقرير لوزارة الصحة عدد القتلى في ولاية الخرطوم بـ234 حتى 5 يوليو، مشيراً إلى أنّ البيانات جُمعت فقط من المستشفيات المدنية، لكن في أنحاء ولاية الخرطوم، التي تضم العاصمة ومدينتي أم درمان وبحري، سجل النشطاء ومجموعات المتطوعين 580 قتيلاً على الأقل في صفوف المدنيين حتى 26 يوليو؛ نتيجة الغارات الجوية والقصف المدفعي وإطلاق النار.
ويشير التفاوت في الأرقام بولاية الخرطوم إلى أنّ العدد الرسمي للوفيات على مستوى البلاد، والذي تقدره وزارة الصحة بـ1136 حتى 5 يوليو قد يكون أيضاً أقل من العدد الحقيقي، كما أدت الحرب إلى إصابة أكثر من 12 ألف شخص، وتشريد ما يزيد على 3.5 مليون، وفقاً لمنظمة الأمم المتحدة، وتصفها المنظمة بإحدى كبرى الأزمات الإنسانية في العالم.
وتسبب الصراع في نزوح ما يزيد على ثلاثة ملايين، بما في ذلك أكثر من 700 ألف فروا إلى البلدان المجاورة، ودخل السودان منذ 15 أبريل دوامة من المعارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، فشلت معها كل محاولات التهدئة، وزادت من معاناة سكان البلاد التي كانت تعدّ من الأكثر فقرا في العالم حتى قبل الحرب.
لذا دقت منظمة الصحة العالمية ناقوس الخطر، محذرة من زيادة مخاطر انتشار الأمراض والأوبئة في السودان، وحذر المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أحمد المنظري من مخاطر الوضع الصحي الراهن، قائلاً: إنّ “القطاع الصحي بالسودان يعاني بشدة تحت وطأة أزمة صحية غير مسبوقة”.
ويعاني مَن ظلّ في الخرطوم من انهيار الخدمات مثل الكهرباء والمياه وشبكات الاتصالات، وينهب اللصوص المنازل، ومعظمها في الأحياء الميسورة، وأكدت منظمة الصحة العالمية أنّ نصف مستشفيات الخرطوم البالغ عددها 130 مستشفى لا يعمل، وجميع مستشفيات ولاية غرب دارفور خارج الخدمة، وسبق أن دعت الأمم المتحدة إلى توفير 3 مليارات دولار حتى نهاية العام، لمساعدة ملايين الأشخاص في السودان، ومئات الآلاف ممّن اضطروا للفرار إلى البلدان المجاورة.
ومنذُ اندلاع الصراع، في الـ15 من شهر أبريل الماضي، أسفرت الحرب بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع عن مقتل نحو 3 آلاف شخص على الأقل وتهجير أكثر من 3 ملايين شخص من الخرطوم وإقليم دارفور غرب البلاد.