ذات صلة

جمع

بعد فوز ترامب.. العودة إلى الاتفاق النووي.. رؤية جديدة أم شروط جديدة؟

عقب فوز الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات...

“شيك مفتوح للضرب”.. هل عودة ترامب منحت نتنياهو الضوء الأخضر لشن حرب على إيران؟

بعد فوز المرشح الديمقراطي دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية...

هل يقلب “الناخب السري” لترامب موازين استطلاعات الرأي مجددًا؟

شهدت الانتخابات الأمريكية 2024 جدلاً واسعًا حول دقة استطلاعات...

كشف مزاعم تراجع الإصابات.. الكوليرا تفتك بأرواح السودانيين في ولاية الجزيرة

رغم الأحاديث الزاعمة بتراجع الإصابات، إلا أن مرض الكوليرا...

كيف تغلغل تنظيم الإخوان في أستراليا؟.. أنشطة خفية وأهداف سوداء

يتغلغل تنظيم الإخوان المسلمين في أستراليا عبر عدة أنشطة وفاعليات في المجتمع المسلم والابتعاد عن وسائل الإعلام، والأفراد والكيانات المرتبطة بالجماعة، لنشر نفوذه بين مسلميها، وتوجيه أنشطتهم نحو أجندته الخاصة.

وهو ما كشفه المركز العربي لدراسات التطرف في بحث جديد يتعلق بوجود الإخوان المسلمين في أستراليا ونشاطاتهم وتغلغلهم في المجتمع، رغم الضعف الشديد في المعلومات؛ إذ إنّ الإخوان وجدوا موطئ قدم لهم في العديد من المساجد والجمعيات الخيرية والمراكز الثقافية الإسلامية في أستراليا، وشكلوا بنية تحتية مكنتهم من بناء شبكة صغيرة، لكنّها فاعلة، من الأفراد والكيانات المرتبطة بهم، لعل أبرزها مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي الذي يمثل اليوم معقل الحراك الإخواني في دولة يحتل فيها المسلمون المرتبة الرابعة بين معتنقي الأديان.

وقال للمركز العربي إنّ أستراليا كانت من بين الدول المرشحة عند التنظيم الدولي للإخوان لنقل مراكزه في أوروبا إليها بعد التضييق عليهم وإخضاعهم للمراقبة وحظرهم رسمياً في الأعوام الأخيرة في العديد من الدول؛ غير أنّ هذه الخطة واجهت صعوبات كبيرة، منها انضمام أستراليا نفسها إلى الحملة الأوروبية ضد الإخوان، مؤكدا أنّ مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي يُعدّ التنظيم المركزي للإخوان المسلمين في أستراليا بالنظر إلى الروابط الأيديولوجية القوية التي تربطه بالجماعة، وما تزال العلاقات العملياتية بينهما غير واضحة حتى الآن.

ويشكل المجلس الذي عقد مؤتمره التأسيسي في مارس 2006، ويقع مقره الرئيس في سيدني، أعلى هيئة تمثيلية للأئمة والمشايخ والدعاة المسلمين في أستراليا، ويضم حالياً أكثر من 250 إماماً مسجلين كأعضاء نشطين من جميع الولايات والمدن الأسترالية، وله فروع في كل من ملبورن، كوينزلاند، أديلايد، كانبيرا، برث.

ويعتبر الهدف الأساسي للمجلس هو التعريف بالإسلام في أستراليا، وتصحيح المفاهيم الخاطئة عنه، ونشر القيم الصحيحة للدين الإسلامي على نطاق واسع في جميع أنحاء أستراليا، وتعزيز ممارسة الشعائر الإسلامية في أوساط المسلمين الأستراليين، ومساعدتهم على فهم الإسلام بشكل أفضل، وخدمة مصالحهم، وحل المنازعات بينهم على أساس الشريعة الإسلامية.

وأوضح المركز العربي أنّ المجلس يدار من قبل جمعية عامة من الأئمة الأعضاء تنتخب لجنة تنفيذية مكونة من 20 عضواً يمثلون جميع المجالس المحلية للأئمة لمدة 3 أعوام، وتتولى اللجنة التنفيذية تسيير المجلس، وتقوم باختيار أحد أعضائها وتعيينه مفتياً عاماً لأستراليا، ويتكون المجلس، إلى جانب الجمعية العامة، واللجنة التنفيذية، والأقسام الإدارية والمالية والإعلامية، من 7 هياكل رئيسة، وهي: مجلس الإفتاء الأسترالي، وهيئة الحلال المعنية بالأغذية، ومركز خدمات التعليم الإسلامي المسؤول عن تصميم مناهج وأنظمة تدريس العلوم الدينية الإسلامية واللغة العربية، والمجلس الاستشاري للمرأة (أواك): الذي يهتم بمعالجة القضايا والتحديات التي تواجه المرأة المسلمة في المجتمع الأسترالي، هذا بالإضافة إلى مركز التحكيم وحل النزاعات الزوجية (كارد)، ومنصة مكافحة الإسلاموفوبيا، ولجنة أمن وسلامة المجتمع (سي إس إس سي)، التي تهدف إلى المساعدة وتقديم المشورة لمسلمي أستراليا، وإجراء مراجعات أمنية وقائية للمساجد والجمعيات والمراكز الإسلامية، وأخيراً المؤسسة الوطنية للزكاة، وتعمل على جمع أموال الزكاة والتبرعات في أستراليا وتوزيعها على المستحقين.

أمّا عن التمويل، فقد أكد المركز العربي للدراسات في بحثه أنّ المجلس يعتمد على المنح الحكومية وأموال الزكاة والتبرعات من الجالية المسلمة، إلى جانب إيرادات أوقافه واستثماراته الخاصة، ومنها “هيئة الحلال” التي تحقق أرباحاً بمئات الآلاف من الدولارات سنوياً، ويتكون المجلس من: مجلس الإفتاء، وهيئة الحلال، ومركز التعليم، ومجلس (أواك)، ومركز (كارد)، ومنصة مكافحة الإسلاموفوبيا، ولجنة الأمن، ومؤسسة للزكاة.

وأوضح البحث أنّ من أهم قياداته شادي سليمان، وهو الشخصية الإخوانية الأساسية في أستراليا. ولد في سيدني عام 1978، وهو من عائلة فلسطينية هاجرت إلى أستراليا في ستينيات القرن الماضي، درس العلوم الشرعية بإحدى الجامعات الإسلامية في باكستان.
وشارك سليمان في تأسيس العديد من المؤسسات الإسلامية في أستراليا، على رأسها “مجلس الأئمة الفيدرالي”، و”المسلمون المتحدون في أستراليا”، و”مركز الشباب المسلم في سيدني” (الفرع الشبابي لمنظمة “المسلمون المتحدون”)، وكليّة سيدني الإسلامية، ومع أنّه يرأس هذه المؤسسات جميعاً، إلا أنّ نشاطه الإخواني يتركز بشكل أساسي في “مجلس الأئمة الفيدرالي”.

وقد ألقى سليمان على مدار الأعوام الماضية محاضرات في عدة بلدان أوروبية، كان بعضها محل جدل إعلامي وسياسي واسع، على سبيل المثال، ألقى عام 2014 محاضرة في أكاديمية بارك فيو، وهي مدرسة ثانوية في برمنجهام في المملكة المتحدة، تحدث فيها عن الجهاد، ودعا الطلاب المسلمين إلى الاهتمام بأخبار المجاهدين ونصرتهم في العالم كله، ممّا دفع وزارة التعليم البريطانية إلى الاعتراف في وقت لاحق، تحت ضغط سياسي وإعلامي، بأنّ الأكاديمية ارتكبت خطأ فادحاً وخرقت القوانين التعليمية بالسماح لداعية أصولي معروف بآرائه المتشددة بمخاطبة الطلاب.

ويخضع شادي للمراقبة في العديد من الدول الأوروبية، ففي إبريل 2018 مُنع من دخول الدنمارك، بعد أن وضعته وزارة الهجرة والاندماج على قائمة رجال الدين الأجانب الممنوعين من دخول البلاد، بالإضافة إلى براهيم أبو محمد: وهو أكاديمي وداعية مصري يحمل الجنسية الأسترالية. ولد ونشأ في مصر وتلقى تعليمه في جامعة الأزهر، ومنها حصل على درجة الدكتوراه، عمل أستاذاً للدراسات الإسلامية بإحدى جامعات أبو ظبي في الإمارات ما بين عامي 1988 و1996، بعدها هاجر إلى أستراليا واستقر بها، وبالتحديد في مدينة سيدني.

وأسس أبو محمد عام 1997 محطة إذاعية خاصة للقرآن الكريم والبرامج الدينية، وأسس عام 1998 المؤسسة الأسترالية للثقافة الإسلامية، وما زال يرأسها حتى الآن، كذلك شارك في تأسيس مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي الذي تولى فيه عدة مناصب قيادية، وفي عام 2019 أشرف على تأسيس “مجلس الإفتاء الأسترالي” التابع لمجلس الأئمة، وتولى رئاسته، كما يشغل منذ عام 2011 منصب المفتي العام للقارة الأسترالية.

وأكد المركز في بحثه أنّه “من خلال الحركية اللافتة لـ “مجلس الأئمة الفيدرالي الأسترالي”، فإنّ الإخوان المسلمين هم التيار الأكثر تمثيلاً للجماهير المسلمة في أستراليا، إلا أنّهم في الواقع الحقيقي ما زالوا يشكلون أقلية في ظل وجود تيارات وشخصيات إسلاموية منافسة، سنيّة وشيعية، تسعى هي الأخرى، وبشكل منهجي، للتأثير على المسلمين الأستراليين ومصادرة هويتهم الإسلامية لصالح أجنداتها العقائدية/ الأيديولوجية الخاصة.

spot_img