ما يقرب من أربعة أشهر على حرب دموية بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، أنهكت البلاد وجعلت منها مقبرة جماعية سواء للمدنيين أو القوات المشاركة بالحرب.
الخرطوم تحولت إلى مدينة للأشباح، ورائحة الدماء انتشرت بشدة سادت حالة من يعيشها شعب السودان الاستياء وانتشرت على مواقع التواصل مقاطع تظهر دفن طبيبة في حديقة منزلها بالخرطوم، لتعذر دفنها في المقبرة بسبب خطورة الوضع الأمني جراء القتال المتواصل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
كما تداول أيضاً صورة لمواطنين في حي المسالمة العريق في أم درمان، وهم يدفنون جثمان أحد قتلى الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في الشارع أمام منزله، والجثمان المكفن بالأبيض مسجى إلى جوار رجل يحفر القبر، في صورة تلخص مأساة الخرطوم، التي بدت واضحة في ملامح الرجال المحيطين بالقبر المنزلي.
قتل شاب أثناء القتال داخل مكتبة الجامعة، بينما حوصر زملاؤه داخل المباني الجامعية، وظلوا لأيام والجثمان إلى جوارهم، ولا مجال لدفنه خارج المكان. فالرصاص والقتال حول مقر القيادة العامة كان مستمراً، ما دفع أسرة القتيل إلى السماح لزملائه بدفنه في أحد ميادين الجامعة، ليكون أول قبر داخل الجامعة العريقة.
وقد بدأت الحرب في منتصف إبريل، ومعها بدأ دفن الجثامين خارج المقابر.
ومعارك الأيام الماضية أدت إلى سقوط قتلى، بعضهم تم دفنه في المقابر العامة، وآخرون دفنوا في الشوارع. ولذلك كثير من المواطنين أصبحوا يجهزون أكفاناً ويعطونها إلى أهل المتوفى بلا مقابل مادي.
ولكن مؤخراً زادت المخاوف من انتشار الأوبئة، وقال الصليب الأحمر: إنه جمع أكثر من ألف جثة من الشوارع ودفنها، لكن لم يتمكن من إكمال مهمته، لعدم وجود ممرات آمنة، وإن كوادره وآلياته تتعرض لمخاطر جمة وهي تقوم بمهامها، وقد سجلت سرقة لإحدى سيارات الإسعاف الخاصة به.
ولا تزال بعض الجثث في الشوارع، في الولايات التي شملتها الحرب، بعضها نهشته الكلاب الضالة والقطط، وتشكل تهديداً للأحياء الذين يخشون انتشار الأوبئة والأمراض بسبب تحلل تلك الجثث.
وتضاربت الإحصائيات حول ضحايا الحرب في السودان، وتشير بعضها إلى أنهم تجاوزوا ألفي قتيل، لكن يتوقع أن يكون العدد أكبر بكثير، لأن الوصول إلى المستشفيات أو أماكن المعارك لإحصاء القتلى محاط بالكثير من المخاطر، فضلاً عن أعداد غير معلومة ممن توفوا أو قتلوا في منازلهم.
ويشهد السودان منذ الأسبوع الماضي، اشتباكات عنيفة بين القوتين العسكريتين الكبيرتين، لا سيما في الخرطوم، ما منع الآلاف من الخروج إلى ولايات أخرى آمنة، أو السفر عبر مطار العاصمة إلى الخارج.