نشر المركز العربي لدراسات التطرف، تقريرا تضمن أهم مبادئ جماعة الإخوان المسلمين وشعاراتهم منذ تأسيسها على يد حسن البنا حتى يومنا هذا، كشف أنّ العنف ظل مفهوماً محورياً في رؤية جماعة الإخوان المسلمين للتغيير الاجتماعي والسياسي ومحركاً رئيساً لسلوكها.
وتطرق التقرير، الذي نشره المركز، إلى العلاقة بين الجماعة والعنف على مدار عقود طويلة من المعارضة والصراع مع الأنظمة، معتبراً أنّ القصة الحقيقية للإسلام الراديكالي، الجهادي الحديث والمعاصر، بدأت من الإخوان، وتحديداً من النظام الخاص: الجناح العسكري السري للجماعة الذي أنشأه حسن البنا عام 1940.
وأشار إلى النزعة العنيفة للمؤسس حسن البنا، وبضرورتها في العمل الحركي الإسلامي، وقد اجترح في هذا نظرية: أنّ القوة “كالدواء المرّ” الذي يجب أن تُحمل عليه “الإنسانية العابثة” لكسر جبروتها وطغيانها، وأنّ “السيف” في يد المسلم “كالمشرط” في يد “الجراح”، لا بدّ منه “لحسم الداء”: الداء “الاجتماعي” الذي يتمثل في بُعد الناس عن الدين، والداء “السياسي” الذي يتجسد في تغييب الشريعة والحكم بغير ما أنزل الله، مستنداً في فرضيته إلى الكثير من الأقوال والتصريحات والمقالات للبنّا، التي تخللها الكثير من النصوص القرآنية والأحاديث النبوية والكتب التي ألفها بنفسه، بهدف استنهاض الأمّة والحشد والتحفيز على ما سمّاه الجهاد.
كما استعرض جوانب النظام الخاص أو التنظيم الخاص، وهو الجناح العسكري/ الجهادي لجماعة الإخوان المسلمين الذي أسسه حسن البنا بين عامي 1939 و1940، لـ”تمثيل” و”تحقيق” فكرة الجهاد الإسلامي في واقع وعمل الجماعة.
وأشار التقرير إلى أنّ البنا قد مهّد لتحويل الإخوان من جماعة دينية/ دعوية إلى حركة جهادية مسلحة بإنشاء “فرق العمل” أو “فرق الرحلات” التي تغير اسمها عام 1934 إلى “فرق الجوالة”، ثم أنشأ نظام الكتائب: كتائب أنصار الله في أواخر عام 1937، وهي تشكيلات شبه عسكرية كانت تضم خاصة نخبة الإخوان الذين يعدّهم بنفسه لحمل أعباء الدعوة، الجهاد.
واستعرض المركز الظروف التي مرّت بها مرحلة تشكل التنظيم الخاص الذي انتقلت به الجماعة إلى مرحلة التسلح والعنف، وتناول النظام الخاص للإخوان المسلمين من حيث بناؤه الهيكلي، ومراحل تجنيد وتكوين أعضائه وعملياته من واقع لوائحه الداخلية والشهادات والمذكرات المنشورة لبعض قادته وكوادره.
وبحسب المركز، تشكلت الهيئة التأسيسية للتنظيم رسمياً عام 1940، وضمت 5 عناصر من قيادات الإخوان، كلفهم البنا بالإشراف على المركز وهيكلته ووضع قواعده وبرامجه التدريبية على أساس الأصول الإسلامية للجندية: صالح عشماوي (الوكيل العام للجماعة)، حسين كمال الدين (الرئيس السابق لفرق الجوالة)، محمود عبد العزيز، حامد شريت، عبد العزيز أحمد.
وولى البنا رئاسة التنظيم في البداية لصالح عشماوي، ثم تحولت القيادة في يونيو 1941 إلى عبد الرحمن السندي: وهو موظف بوزارة الزراعة، وأضاف التقرير أنّ التنظيم السري ظل محاطاً بالسرية المطلقة، يتبع المرشد العام مباشرة، ولا يعرف أحد من الإخوان بوجوده إلا أعضاؤه، وله ميزانية مستقلة عن الميزانية العامة للجماعة، حتى عام 1948 عندما سقطت قيادته وانكشفت أوراقه ومستنداته فيما يعرف في تاريخ الإخوان بـ”قضية السيارة الجيب”.
ومن بين هذه الأوراق/ المستندات قانونه الأساسي المعروف باسم “قانون التكوين”، الذي يحدد لوائحه الداخلية والقواعد التي تنظم مهامه، وتراتبية قيادته، وطرق إصدار الأوامر وتسلسلها، والسلطات والمسؤوليات الخاصة بهيئة القيادة وأركان الحرب، وواجبات الأمراء، وواجبات الجنود، وأنواعهم، والشروط التي يلزم توافرها فيهم، وكيفية ترشيح الأفراد دون علمهم، وطرائق تكوين الفرد وإعداده بعد قبول الترشيح وغيرها من المعلومات المفصلة.
وكتب هذا “القانون” لجنة رباعية مكونة من عبد الرحمن السندي (قائد التنظيم)، ومحمود الصباغ (من قيادات الصف الأول)، وحسين كمال الدين (عضو اللجنة التأسيسية)، وعلام محمد علام (مدرس كيمياء بالكلية الحربية وأحد كوادر التنظيم).
أما في الجزء الخاص بالبناء الهيكلي، فأظهر التقرير أنّ الجهاز يتكون من 3 هيئات: هيئة القيادة، وهيئة الأركان (اللجنة الفنية)، والجنود. إلى جانب عدد من الأقسام التنفيذية، أهمها: جهاز التسليح، جهاز الأخبار أو المعلومات (الاستخبارات)، جهاز التدريب.
وبشأن القيادة، فإنّها تتكون من مجلس يضم 10 أشخاص؛ مهمتهم دراسة طرق التنفيذ لما يصل من خطط صادرة من الأركان، وتنفيذ كل ما هو ممكن عمله، وإصدار بيانات يشترك فيها جميع الأعضاء، أمّا عن الأركان أو اللجنة الفنية، فهي مجلس مكون من 5 أشخاص، ومهماته وضع خطط لتنظيم القوات في كل من أوقات السلم والحرب، ودراسة المعدات عملياً وتحديد ما يصلح منها لاستعمال الجيش وطرق استعمالها وحفظها مع تحديد الأهداف ورسم خطة تنفيذها من زمان ومكان وقوات، ودراسة كل ما يصل إليها (إلى الأركان) عن طريق مجلس القيادة من صعوبات ومشاكل عملية ومطالب مستجدة، وإصدار بيانات بنتيجة الدراسة ترسل إلى مجلس القيادة.
أمّا عن الجنود، فمهمتهم الاستعداد الروحي والعقلي والطاعة والتنفيذ، وهم 3 أنواع: الأوّل يبقى بعيداً عن النشاط الظاهري، والثاني لا يستخدم أبداً إلا وقت الحرب العلنية، أمّا النوع الثالث، فيمكن أن يموِّن الناحية العامة من الناحية الخاصة، ولكن بعد تمام التكوين حتى يتيسر الانقطاع التام عن الناحية الخاصة.
البنا مهَّد لتحويل الإخوان من جماعة دينية/ دعوية إلى حركة جهادية مسلحة بإنشاء “فرق العمل” أو “فرق الجوالة”.
واستعرض سلسة قيادات الصف الأوّل في التنظيم، والذي يضم عبد الرحمن السندي، ومصطفى مشهور (أصبح المرشد الخامس للجماعة عام 1996)، ومحمود الصباغ، وأحمد زكي حسن، وأحمد محمد حسنين.
كما بيَّن التقرير موضوع التجنيد أيضاً، وأكدت أوراق “التكوين” أنّ أحد أفراد الجيش يرشح شخصاً يرى من روحه ما يناسب التجنيد، ثم يرسل الترشيح إلى القيادة العليا مرفقاً به بيان الأسباب التي دعت الفرد إلى هذا الترشيح، مع تقرير شامل عن حالة المرشح الصحية والاجتماعية وطباعه البارزة وميوله الحزبية وثقافته، ويذكر أمام كل حالة التفصيلات الخاصة بها، ولا يقبل الترشح إلّا عن طريق دراسة كل المراحل أو معظمها، حتى يمكن الثقة بحسن التقدير، وأنّه يكفي الميل لأيّ حزب آخر لكي يرفض الترشيح رفضاً باتاً؛ إذ يجب أن يكون المرشح مؤمناً تماماً بصلاحية الدعوة كمبدأ، وأنّه متى توفر هذا الإيمان التام، فإنّه يمكن ضم أيّ شخص ولو كان ذا عاهة؛ إذ إنّ لكلٍّ عملاً يناسبه، ومجلس القيادة هو الذي يقبل الترشيح أو يرفضه”.
وفي حال قبول الترشيح، يخضع المجند لكشف طبّي شامل لتقييم وضعه الصحي ولياقته البدنية، يتناول الحالة العامة والطول ومحيط الصدر في حالتي الشهيق والزفير وقوة الإبصار وحالة البطن والجهاز الدوري والجهاز التنفسي والجهاز العصبي، مبيناً التقرير مراحل التجنيد من حيث التعارف ودراسة الحالة من حيث اقتناعه بالعمل العسكري وبمبادئ الحزب، ثم التكليف مع المراقبة وفي حالة النجاح في الاختبار تتم البيعة، حتى يمارس عمله كعنصر أساسي في التنظيم السري.
واستعرض التقرير أيضاً العقوبات التي يمكن أن يتعرض لها كل فرد يفشي سرّاً بحسن قصد أو بسوء قصد، كالإعدام وإخلاء سبيل الجماعة، مهما كانت منزلته، ومهما تحصن بالوسائل واعتصم بالأسباب التي يراها كفيلة له بالحياة.