تشهد السودان معارك شرسة بين الجيش السوداني وقوات “الدعم السريع”، في مناطق عدة بالعاصمة الخرطوم، فضلا عن انفلات أمني يزيد الأوضاع تدهورا؛ إذ شهد أحد صهاريج تخزين النفط بمنشأة الشجرة القريبة من مجمع اليرموك بالخرطوم حريق ضخم، بينما تجددت الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع في محيط هذا المجمع.
وأكد شهود عيان أن اشتباكات تدور في محيط مجمع الصناعات العسكرية هذا، في جنوب الخرطوم، وسط تصاعد للدخان، كما أفادوا بأن “أصوات إطلاق نار سمعت في المنطقة المحيطة” باليرموك أبرز منشآت التصنيع العسكري في البلاد، حسب ما نقلت فرانس برس.
وكانت قوات الدعم أعلنت في بيان أمس الأربعاء، “السيطرة الكاملة على المجمع ومستودعات الذخيرة”، مشيرة إلى أن جنود الجيش فرّوا تاركين خلفهم “كميات من العتاد العسكري والمركبات”، كما نشرت عبر حسابها على تويتر شريطا زعمت أنه “من داخل المجمع”، ظهر فيه عناصرها وهم يحتفلون داخل مخزن تتكدس فيه البنادق الرشاشة ومدافع الهاون وكميات هائلة من الذخيرة.
ويتبادل الطرفان السودانيان اتهامات ببدء القتال أولا وارتكاب خروقات خلال سلسلة من الهدنات لم تفلح في وضع نهاية للاشتباكات المستمرة منذ 15 أبريل الماضي، والتي خلَّفت مئات القتلى وآلاف الجرحى بين المدنيين، إضافة إلى موجة جديدة من النزوح واللجوء في إحدى أفقر دول العالم.
وأكد شهود عيان أن الاشتباكات العنيفة تجددت اليوم الخميس بالأسلحة الثقيلة والخفيفة مع تحليق مكثف للطيران العسكري؛ ما أدى إلى نشوب حرائق وتصاعد ألسنة اللهب والدخان في مستودعات النفط، وأضافوا أن الاشتباكات اندلعت في مصنع “الذخيرة” ومستودعات النفط، ومصنع “اليرموك” للذخائر وسلاح “المدرعات” بمنطقة “الشجرة” جنوبي العاصمة الخرطوم.
وأعلنت قوات “الدعم السريع” سيطرتها الكاملة على مصنع “اليرموك” للصناعات العسكرية، فيما لم يصدر تعليق فوري من الجيش السوداني، حول حقيقة سيطرة قوات “الدعم السريع” على مصنع “اليرموك” للصناعات العسكرية.
وذكر الشهود أيضا أن الاشتباكات العنيفة ما زالت متواصلة في محيط “معسكر طيبة” العسكري، الذي تسيطر عليه قوات الدعم السريع، جنوبي العاصمة، وأضافوا القصف المدفعي أدى إلى نشوب حرائق كبيرة في “مستودعات النفط” جنوبي العاصمة الخرطوم.
وأثار اندلاع الحريق في مستودعات النفط والغاز التي تعتبر المغذي الرئيسي لإمدادات الطاقة للخرطوم ومعظم مدن البلاد الأخرى هلعا ومخاوف كبيرة من حدوث أزمة وقود كبيرة في البلاد التي تعاني نقصا حادا في إمدادات الطاقة منذ اندلاع الحرب.
ولجأ المواطنون مؤخرا إلى استخدام الفحم الطبيعي لطهي الطعام، جراء انعدام غاز الطبخ منذ اندلاع الحرب في 15 أبريل الماضي.
ومع استمرار المعارك الحربية تعاني الأحياء السكنية في مدن الخرطوم وأم درمان (غرب) وبحري (شمال) من انفلات أمني غير مسبوق، وهجوم بالأسلحة النارية والبيضاء من العصابات من أجل النهب والسرقة وترويع الآمنين.
وتسببت الحرب في نزوح أكثر من 1.2 مليون شخص داخل السودان، ودفعت نحو 400 ألف للفرار إلى الدول المجاورة، وألحقت أضرارا جسيمة بالعاصمة التي أصبح من بقي فيها من السكان تحت رحمة المعارك والضربات الجوية والنهب، وتقول قوات الدعم السريع إنها تعمل على حماية المدنيين بالقبض على اللصوص.
وتوجه بعض الذين فروا من الحرب إلى دول مجاورة مثل تشاد وجنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى، وهي دول تعاني بالفعل من الفقر والصراع وتراجع المساعدات الإنسانية.
وأثارت الحرب أيضا اضطرابات في دارفور في أقصى غرب السودان، وهي منطقة كانت تعاني بالفعل من نزوح جماعي بسبب الصراع السابق وحيث تحدث السكان في عدة مدن وبلدات عن هجمات شنتها ميليشيات مرتبطة بقبائل بدوية عربية.
وسبق أن أفاد شهود عيان باندلاع أعمال عنف جديدة في ولاية شمال دارفور أودت بحياة 40 شخصا على الأقل، بينما قد يفاقم موسم الأمطار من الأزمة الإنسانية، وأظهرت لقطات حية الأحد تصاعد أعمدة من الدخان الأسود في سماء العاصمة، وقال سكان الخرطوم إنهم يعيشون في رعب من القصف العنيف وأصوات المدافع المضادة للطائرات وانقطاع التيار الكهربائي.
كما وردت أنباء عن اندلاع قتال في عدة مناطق أخرى منها وسط الخرطوم وجنوبها وبحري، وخارج العاصمة، اندلع قتال في إقليم دارفور في الغرب الذي يعاني بالفعل من ويلات صراع طال أمده وأزمات إنسانية طاحنة.
وبدأ وقف لإطلاق النار بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في 22 مايو وانتهى أجله ليلة السبت، وأدى وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه السعودية والولايات المتحدة إلى هدوء حدة القتال قليلا والسماح بوصول مساعدات إنسانية محدودة لكن شابته، شأنه شأن غيره من إعلانات وقف إطلاق النار السابقة، عدة انتهاكات، وانهارت يوم الجمعة محادثات كانت تهدف إلى تمديده، بحسب رويترز.
واندلع الصراع الدامي على السلطة في السودان يوم 15 أبريل وتسبب في أزمة إنسانية كبيرة نزح خلالها أكثر من 1.2 مليون شخص داخل البلاد وفر 400 ألف إلى دول الجوار، كما أنه يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأكملها.
بينما قالت السعودية والولايات المتحدة: إنهما تتواصلان يوميا مع وفدي الجيش وقوات الدعم السريع اللذين لا يزالان في جدة رغم تعليق محادثات تمديد وقف إطلاق النار الأسبوع الماضي.