ذات صلة

جمع

شمال سوريا بين التسوية والانفجار.. حسابات الداخل وضغوط الإقليم

في توقيت إقليمي بالغ الحساسية، عاد الشمال السوري إلى...

جرينلاند في قلب العاصفة.. الأمن القومي الأميركي يصطدم بسيادة أوروبا

عاد ملف "جرينلاند" إلى واجهة التوترات عبر الأطلسي، بعدما...

سباق الظل النووي.. البنتاغون يحذر من قفزة صاروخية صينية

بينما ينشغل العالم بملفات الحروب المفتوحة وأزمات الاقتصاد العالمي،...

الضفة الغربية بين فرض الأمر الواقع واختبار الصمود

بينما تتجه بوصلة الاهتمام الإقليمي والدولي نحو الحرب الدائرة...

الضفة على مفترق طرق.. هل تُغير إسرائيل الجغرافيا أم يصمد الواقع؟

بينما تنشغل الأنظار بالحرب الدائرة في غزة ومسارات التهدئة...

جرينلاند في قلب العاصفة.. الأمن القومي الأميركي يصطدم بسيادة أوروبا

عاد ملف “جرينلاند” إلى واجهة التوترات عبر الأطلسي، بعدما فجر الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة غضب دنماركية وأوروبية بتأكيده أن ضم الجزيرة القطبية يندرج ضمن متطلبات الأمن القومي للولايات المتحدة.

التصريحات الأميركية الأخيرة لم تكن مجرد إعادة طرح لفكرة قديمة، بل جاءت مقرونة بخطوات عملية أعادت رسم حدود الخلاف بين واشنطن وحلفائها التقليديين.

في وقت تنشغل فيه العواصم الغربية بملفات الحرب والطاقة والمنافسة مع الصين وروسيا، بدت جرينلاند وكأنها تتحول إلى نقطة اشتباك سياسي وقانوني، تضع مبادئ السيادة الدولية في مواجهة الحسابات الجيوسياسية الأميركية.

عودة خطاب الضم

منذ عودته إلى البيت الأبيض مطلع عام 2025، لم يتردد ترامب في إعادة إحياء فكرة ضم جرينلاند، رافضًا استبعاد أي وسيلة لتحقيق هذا الهدف.

حديثه الأخير عن أن الحاجة إلى الجزيرة لا ترتبط بالثروات المعدنية، بل بالأمن القومي، عكس تحولًا في الخطاب يهدف إلى منح الطرح الأميركي بعدًا استراتيجيًا أوسع.

ويرى ترامب، أن جرينلاند تمثل حلقة حيوية في منظومة الأمن الأميركي، خصوصًا في ظل النشاط الروسي والصيني المتزايد في المنطقة القطبية الشمالية، وهو ما يجعل السيطرة عليها، من وجهة نظره، ضرورة لحماية المصالح الأميركية في الشمال الأطلسي.

موفد خاص وتصعيد دبلوماسي

الخطوة الأكثر إثارة للجدل تمثلت في إعلان واشنطن تعيين حاكم لويزيانا جيف لاندري موفدًا خاصًا إلى جرينلاند، في قرار فهم أوروبيًا على أنه تجاوز مباشر للسيادة الدنماركية، هذا التعيين فجر ردود فعل سريعة من كوبنهاغن، التي استدعت السفير الأميركي ورسمت ما وصفته بخط أحمر لا يمكن تجاوزه.

التحرك الأميركي اعتبر في الدنمارك محاولة لفرض أمر واقع سياسي، خاصة مع تصريحات لاندري التي لم يخفي فيها دعمه الكامل لضم الجزيرة، واعتباره أن ذلك يصب في مصلحة الطرفين.

رفض دنماركي وأوروبي

الموقف الدنماركي جاء حازمًا، مدعومًا بإجماع أوروبي واضح، كوبنهاجن وجرينلاند شددتا على أن السيادة والحدود الوطنية لا تناقش تحت أي ذريعة، حتى وإن رفعت لافتة الأمن الدولي، الاتحاد الأوروبي بدوره اصطف إلى جانب الدنمارك، معتبرًا أن ما يجري يمس جوهر النظام الدولي القائم على احترام وحدة الأراضي.

هذا الدعم الأوروبي عكس خشية أوسع من أن يشكل الطرح الأميركي سابقة خطيرة، قد تفتح الباب أمام منطق القوة على حساب القانون الدولي، في مرحلة يشهد فيها العالم تآكلًا متسارعًا للضوابط التقليدية.

جرينلاند بين الاستقلال والرفض

على الجانب الآخر، يبرز موقف سكان جرينلاند أنفسهم بوصفه عنصرًا حاسمًا في المعادلة، فرغم وجود نزعة واضحة نحو الاستقلال عن الدنمارك، فإن الغالبية ترفض بشكل قاطع الانضمام إلى الولايات المتحدة. هذا التناقض يضع واشنطن أمام واقع معقد، حيث لا يكفي الموقع الاستراتيجي ولا الأهمية العسكرية لتجاوز إرادة السكان.

وتحتل جرينلاند موقعًا بالغ الحساسية عند ملتقى المحيط الأطلسي الشمالي والمحيط المتجمد الشمالي، ما يمنحها قيمة عسكرية واستخباراتية كبيرة، وجود قاعدة أميركية في الجزيرة يعزز هذا البعد، لكنه في الوقت نفسه يثير تساؤلات حول حدود النفوذ المقبول داخل أراضٍ تتمتع بحكم ذاتي.