ذات صلة

جمع

فصائل فلسطينية تدعمها إسرائيل تكثّف حضورها داخل غزة

تشهد غزة بوادر مشهد أمني غير مسبوق، مع بروز...

إصلاح أم ترقيع.. هل يرى المواطن الليبي نهاية لأزمة العملات الصعبة؟

تعيش ليبيا منذ سنوات واحدة من أعقد الأزمات المالية...

سلاح البيانات.. كواليس قاعدة البيانات التي تدين تنظيم الإخوان في السودان

في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها السودان منذ اندلاع...

تصنيف الإرهاب في الميزان.. ما هو مستقبل العلاقات العراقية–اللبنانية؟

تعيش العلاقات العراقية–اللبنانية مرحلة حساسة من تاريخها السياسي، بعد...

فصائل فلسطينية تدعمها إسرائيل تكثّف حضورها داخل غزة

تشهد غزة بوادر مشهد أمني غير مسبوق، مع بروز جماعات فلسطينية مناهِضة لحركة حماس تعمل تحت مظلّة دعم إسرائيلي مباشر أو غير مباشر. الهدنة الأخيرة التي جمّدت خطوط الاشتباك لم تُجمّد التحركات الداخلية؛ بل فتحت المجال أمام هذه المجموعات لتوسيع نفوذها في مناطق تخضع للسيطرة العسكرية الإسرائيلية، مستغلة حالة الغموض التي تكتنف مستقبل القطاع.

ورغم محدودية حجمها حتى الآن، فإن ارتفاع عدد مقاتليها إلى نحو ألف عنصر يعكس تحولًا متسارعًا في بنية الصراع الداخلي، وسط غياب اتفاق شامل حول إدارة غزة في المرحلة المقبلة.

جماعات صغيرة.. تأثير كبير

وتتمركز هذه الفصائل في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل داخل القطاع، حيث تنشط بعيدًا عن متناول حماس، ويبدو أن استمرار الاحتلال المباشر لأكثر من نصف مساحة غزة يوفر لهذه الجماعات بيئة مناسبة لمراكمة القوة والتجنيد والظهور الإعلامي.

ورغم افتقارها لقاعدة شعبية حقيقية، بحسب تقديرات دبلوماسية، فإن وجودها يضيف طبقة جديدة من التعقيد الأمني، ويثير مخاوف من انزلاق القطاع إلى حالة صراع داخلي في ظل إعادة ترتيب القوى.

وتعتمد هذه المجموعات على خطاب يربط بين “محاربة الإرهاب” و”بناء غزة جديدة”، في محاولة لخلق صورة بديلة عن سيطرة حماس التي تسعى إلى تثبيت قبضتها بعد سنوات طويلة من الحكم والخسائر الكبيرة التي تكبّدتها خلال الحرب.

اغتيال أبو شباب.. شرارة توسع جديدة

ولم يؤدِّ مقتل ياسر أبو شباب، أحد أبرز الوجوه التي قادت تشكيل مجموعات مناهِضة لحماس في رفح، إلى تراجع هذا التيار، بل إن التركيز الإعلامي والتنظيمي الذي تبع مقتله أعطى دفعة جديدة له.

وأصدرت مجموعته تسجيلات مصوّرة تُظهر عشرات المقاتلين يتعهدون بمواصلة المسار ذاته تحت قيادة غسان دهيني، الذي ورث موقعه على رأس “القوات الشعبية”. ويظهر دهيني في مقطع مصوّر وهو يصف مقتل أبو شباب بـ”الخسارة الفادحة”، لكنه يؤكد أن المسيرة ستستمر بقوة أكبر. وبعد أيام، أعلن تنفيذ أول عملية إعدام ضد اثنين من عناصر حماس اتُّهما بقتل أحد أفراد مجموعته، في خطوة تعكس رغبة هذه الفصائل في تثبيت شكل من أشكال السلطة داخل نطاق سيطرتها.

حماس بين مطرقة الخصوم وسندان الاحتلال

وتواجه حماس ضغطًا متزايدًا على جبهتين: الأولى أمنية داخلية مع هذه الجماعات التي تصفها بـ”العملاء”، والثانية ميدانية مرتبطة بالوجود الإسرائيلي الكثيف الذي يقيّد قدرتها على العمل في مناطق واسعة من غزة.

ورغم ما تقول الحركة إنه آلاف المقاتلين ما زالوا في صفوفها، فإن مناطق سيطرة إسرائيل أصبحت مسرحًا لنشاط خصومها دون قدرة حماس على ملاحقتهم. ويحاول جهازها الأمني مواجهة أي تحركات مناوِئة في المناطق التي تسيطر عليها الحركة، لكنه يصطدم بواقع جديد تفرضه الخارطة العسكرية والسياسية للقطاع بعد الحرب.

دعم خارجي وترتيبات غامضة

وتشير المعطيات إلى أن بعض هذه الجماعات تحصل على دعم لوجستي ومالي من جهات خارجية لم يتم الكشف عنها، بينما يثير التنسيق مع إسرائيل حول دخول الموارد والغذاء أسئلة حول طبيعة العلاقة الحقيقية بين الطرفين.

وفي مقابلة سابقة، تحدث أحد قادة الفصائل عن تلقي دعم من “أصدقاء دوليين”، لكنه امتنع عن ذكر الأسماء، في حين نفى تلقي أي دعم عسكري من إسرائيل. وبالتوازي، يبرز اعتراف رئيس الوزراء الإسرائيلي بدعم تحركات عشائرية في غزة كمؤشر على وجود توجه رسمي إسرائيلي نحو تعزيز نفوذ هذه الجماعات بهدف خلق بديل محلي لحماس في المناطق الجنوبية.

سيناريوهات مفتوحة لمستقبل غزة

ويتزامن كل ذلك مع تباطؤ كبير في تنفيذ خطة الإدارة الأميركية بشأن غزة، التي تعتمد على إعادة الإعمار ونزع السلاح وتأمين مناطق آمنة. لكن مع استمرار الاحتلال في نصف القطاع، وانعدام الاتفاق الداخلي الفلسطيني، وتنامي نفوذ الجماعات المدعومة إسرائيليًا، يبدو أن صورة غزة المقبلة تتجه نحو مزيد من التعقيد.

ويساهم ظهور هذه الفصائل في فتح الباب أمام مرحلة جديدة من التنافس الداخلي، ويزيد من احتمالات تشكّل بيئة صراع طويلة الأمد داخل القطاع، في وقت ما يزال فيه السكان يعيشون تحت وطأة التهجير والدمار، بين قبضة الاحتلال وتضارب القوى المحلية.

spot_img