أعلنت السلطات الليبية، الأربعاء، عن بدء تنفيذ سلسلة من الإجراءات الأمنية الجديدة في العاصمة طرابلس، في خطوة وُصفت بأنها الأوسع منذ أشهر، بهدف تعزيز الاستقرار وتخفيف الاحتكاكات المتكررة بين الأجهزة الأمنية.
وتشمل الخطة إعادة تمركز قوات الاحتياط التابعة لوزارة الدفاع خارج نطاق المدينة الكبرى، وهو ما يُنتظر أن يقلل من حالة الازدحام العسكري داخل الأحياء السكنية والمناطق الحيوية.
مقرات موحدة لإدارة العمل الأمني
في إطار الإجراءات الجديدة، تقرر انسحاب الأجهزة الأمنية المختلفة إلى مقرات رئيسية موحدة، بما يتيح إدارة العمليات بشكل أكثر انضباطاً وفعالية.
وتهدف هذه الخطوة إلى معالجة ظاهرة تداخل الصلاحيات بين الأجهزة، التي كثيراً ما أدت في السابق إلى توترات ميدانية وصدامات محدودة أثارت قلق المواطنين وأثقلت كاهل الحياة اليومية في العاصمة.
تكليف مديرية الأمن بالمسؤولية الكاملة
كما تم تكليف مديرية أمن طرابلس بتولي مسؤولية تأمين العاصمة بشكل كامل، وذلك بالتنسيق المباشر مع لجنة فض النزاع، التي جرى تعزيز صلاحياتها للتدخل في أي خلافات قد تنشأ بين التشكيلات المختلفة.
ويُنظَر إلى هذه الخطوة باعتبارها محاولة لتكريس مفهوم الجهة الواحدة المسؤولة عن الأمن، بما يمنع تضارب القرارات ويعزز ثقة المواطنين في قدرة الدولة على حماية الاستقرار.
خطوة نحو توحيد المؤسسات الأمنية
يرى مراقبون أن هذه الإجراءات تمثل خطوة عملية على طريق توحيد المؤسسات الأمنية والعسكرية في ليبيا، بعد سنوات من الانقسام والتشرذم الذي انعكس سلباً على الوضع الداخلي.
كما أنها تأتي متزامنة مع جهود سياسية أوسع لإيجاد أرضية مشتركة بين الفرقاء الليبيين، في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى ضمان بيئة آمنة لنجاح أي مسار سياسي مستقبلي.
ولا تحمل الإجراءات المعلنة أبعاداً تنظيمية داخلية فحسب، بل تعكس أيضاً رغبة القيادة الليبية في توجيه رسالة واضحة للمجتمع الدولي، مفادها أن العاصمة طرابلس باتت أكثر استعداداً لاحتضان مبادرات سياسية واقتصادية، في ظل مناخ أمني أكثر استقراراً.
ويُنتظر أن تسهم هذه الترتيبات في تقليل احتمالات الانفلات أو المواجهات المفاجئة، وهو ما من شأنه تحسين صورة العاصمة كوجهة للبعثات الدبلوماسية والوفود الرسمية.
المواطنون بين الترقب والأمل
رغم أن التجارب السابقة جعلت الشارع الليبي أكثر حذراً في الحكم على جدية مثل هذه الإجراءات، فإن قطاعات واسعة من السكان تنظر إلى الخطوة الجديدة بتفاؤل حذر. فنجاحها يعني تقليص الوجود المسلح العشوائي داخل المدينة، وضمان حياة يومية أكثر أماناً بعيداً عن المخاوف من اندلاع مواجهات غير متوقعة.
وتؤكد السلطات الليبية أن هذه الخطة الأمنية ليست إجراءً مؤقتاً، بل بداية لمسار طويل يستهدف إعادة بناء المؤسسة الأمنية على أسس مهنية، وبما يضمن استقلاليتها وفعاليتها.