ذات صلة

جمع

“انفجارات عنيفة جنوب صنعاء.. إسرائيل تعلن قصف مواقع للطاقة تابعة للحوثيين”

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، تنفيذ هجوم جديد على أهداف...

التعليم والثقافة في اليمن.. ضحية حرب مليشيات الحوثي الإرهابية

منذ سيطرة مليشيات الحوثي الإرهابية على مؤسسات الدولة التعليمية...

ترامب يلمح لاتفاق سلام محتمل بين موسكو وكييف بعد قمة ألاسكا

كشفت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، عقب...

“الإخوان” الإرهابية عبء متزايد على المشهد الأردني

تشهد الساحة الأردنية في السنوات الأخيرة تصاعدًا ملحوظًا في...

تجميد الحسابات البنكية للبطريركية الأرثوذكسية.. استهداف إسرائيلي للوجود المسيحي بالقدس

أثار قرار سلطات الاحتلال الإسرائيلي بتجميد الحسابات البنكية للبطريركية...

ماذا تحمل زيارة لاريجاني لبيروت؟.. رسائل إيرانية مزدوجة وسط انقسام لبناني حول السلاح والسيادة

عاد الملف الإيراني إلى صدارة المشهد اللبناني مع وصول أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بيروت، في جولة التقى خلالها كبار المسؤولين اللبنانيين، بينهم الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة نواف سلام ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

زيارة لاريجاني لبيروت في توقيت حساس.. ما الأسباب

وجاءت الزيارة في وقت يحتدم فيه الجدل حول تنفيذ قرار حكومي يقضي بجمع السلاح وحصره بيد الجيش اللبناني، وسط تحذيرات من انزلاق البلاد نحو مواجهة مباشرة مع حزب الله، الحليف الأبرز لطهران.

ووفق تحليل الخبراء، حملت زيارة لاريجاني رسالتين واضحتين: الأولى التأكيد أن إيران ما تزال لاعبًا إقليميًا رغم تراجع نفوذها في سوريا، والثانية تجديد الدعم لحزب الله والطائفة الشيعية في لبنان، في مواجهة الضغوط الداخلية والدولية لنزع السلاح.

لاريجاني يخاطب الشعب اللبناني بالعربية.. رسائل إيرانية للنخب والشارع

واللافت أن لاريجاني حاول مخاطبة الشارع اللبناني مباشرة عبر تغريدة باللهجة المحلية قال فيها: “إيران ما إلها أي نيّة تتدخّل بشؤون أي دولة ومنها لبنان”، لكن هذه الرسالة قوبلت بانتقادات على مواقع التواصل، إذ اعتبرها كثيرون تقليلًا من سيادة القرار اللبناني، خصوصًا في ظل اتهامات لطهران بالتدخل في ملفات السلاح والسياسة.

وبين القاعات الرسمية ومنصات التواصل، تنقل لاريجاني من لقاءات الدعم السياسي لحزب الله إلى رسالة باللهجة اللبنانية موجهة للشارع، في ما يُعتبر محاولة مزدوجة لكسب النخب والرأي العام وسط انقسام حاد حول النفوذ الإيراني ومستقبل السلاح في لبنان.

عون يحدد لإيران خطوطًا حمراء في القمة اللبنانية

وشدد الرئيس جوزيف عون أمام لاريجاني على أن السيادة اللبنانية “خط أحمر”، وأن أي سلاح خارج سلطة الدولة “مرفوض”، داعيًا إلى علاقات متوازنة مع إيران ضمن الأطر الرسمية.

وأشار عون إلى أن لبنان يرغب في التعاون مع إيران ضمن حدود السيادة، لكنه يرفض أي تدخل في شؤون بلاده الداخلية، موضحًا أن لغة بعض المسؤولين الإيرانيين في الآونة الأخيرة غير مساعدة.

بدوره، أبدى رئيس الحكومة نواف سلام اعتراضًا صريحًا على تصريحات إيرانية سابقة ترفض نزع سلاح حزب الله، فيما انضم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل إلى المعترضين قائلًا إن “ردعية سلاح حزب الله سقطت”.

استقبال لاريجاني بين تراجع الحشد الشعبي وترحيب حزب الله

وخلافًا لما جرت عليه العادة، شهدت زيارة لاريجاني حضورًا شعبيًا محدودًا من مؤيدي حزب الله، في مؤشر على تغير المزاج العام أو على الأقل ضعف الحماسة تجاه الزيارات الإيرانية، كما صدرت انتقادات حتى من حلفاء سابقين للحزب، اعتبروا أن استمرار السلاح خارج الدولة يهدد استقرار لبنان.

ومن ناحيته، تقدّم الأمين العام لـ”حزب الله” نعيم قاسم بالشكر لإيران على دعمها ‏المتواصل للبنان و”مقاومته ضدّ العدو الإسرائيلي ووقوفها إلى جانب وحدة لبنان ‏وسيادته واستقلاله”، مشددًا على العلاقات الأخوية بين الشعبين اللبناني والإيراني.

وشدد لاريجاني على أن إيران مستعدة للوقوف إلى جانب لبنان في حال أي تصعيد إسرائيلي، وكذلك مستعدة لتقديم الدعم إذا طلبت الحكومة اللبنانية، موضحًا أن “لبنان بلد صديق لإيران وتاريخهما مشترك، واليوم تربطهما أفضل العلاقات”، مؤكدًا أن “الشعب اللبناني كان نجمًا متألقًا في مواجهة الكيان الصهيوني، وفي مقدمة أبطاله الشهيد السيد حسن نصرالله”، على حد قوله.

الخلافات الأميركية والأوروبية تتصدر في زيارة لاريجاني

وتزامنت زيارة لاريجاني مع أحاديث في الأوساط السياسية عن “أمر عمليات” أميركي يقف خلف قرار جمع السلاح، حيث إن لاريجاني لمح في لقاءاته المغلقة إلى أن طهران لم تقدم أي خطة في هذا الشأن، محمّلًا اللبنانيين مسؤولية التوافق الداخلي، فيما اعتبرت قوى سياسية أن القرار وطني بامتياز.

وبحسب الخطة الحكومية، من المقرر أن يقدم الجيش اللبناني تقريره لجمع السلاح في الأول من سبتمبر، لكن عقيل يحذر من خطر المواجهة المباشرة إذا رفض حزب الله التنفيذ، مشددًا على أن الحوار هو السبيل الوحيد لتفكيك “القنبلة السياسية” على طاولة مجلس الوزراء.

بين الدولة اللبنانية وحزب الله.. توازن إيراني دقيق

لذا تحاول طهران تقديم نفسها كحليف للدولة اللبنانية، لكنها في الوقت نفسه متمسكة برعايتها لحزب الله كجزء من استراتيجيتها الإقليمية، وهذا التناقض يعكس معضلة مستمرة في العلاقة بين بيروت وطهران: الحفاظ على قنوات التواصل الرسمية دون المساس بالدعم العسكري والسياسي للحزب.

لذا، فإن زيارة علي لاريجاني إلى بيروت لم تغيّر موازين القوى بقدر ما رسخت الانقسام القائم، حيث إن الرسائل الإيرانية وصلت بوضوح، وكذلك الرد اللبناني المتمسك بالسيادة، ويبقى اختبار سبتمبر المقبل هو الفيصل في معرفة ما إذا كان لبنان قادرًا على حسم ملف السلاح خارج الدولة بالحوار، أم أن المواجهة ستظل شبحًا يهدد استقراره.

إستراتيجية إيرانية مزدوجة لكسب النخب والرأي العام

ولم تقتصر زيارة علي لاريجاني إلى بيروت على القاعات الرسمية ولقاء المسؤولين، بل امتدت إلى ساحة منصات التواصل الاجتماعي، حيث لجأ إلى نشر رسالة باللهجة اللبنانية، في خطوة تحمل دلالة رمزية عميقة.

وهذه الإستراتيجية المزدوجة تعكس محاولة إيرانية متعمدة لتوجيه خطابين متوازيين: الأول خطاب للنخب السياسية عبر الاجتماعات الرسمية، لتأكيد استمرار الدعم لحزب الله والحفاظ على قنوات الاتصال مع مؤسسات الدولة، حتى وسط الخلافات حول ملف السلاح والسيادة.

والثاني هو خطاب للرأي العام اللبناني عبر وسائل التواصل، يهدف إلى تقديم صورة أكثر ودية وقربًا من الشارع، وتفنيد الاتهامات بالتدخل في الشأن الداخلي.

تعقيدات سياسية كبيرة أمام إيران في لبنان

ومن الناحية السياسية، تكشف هذه الازدواجية عن إدراك طهران لتعقيدات الساحة اللبنانية، حيث لا يكفي كسب دعم الحلفاء السياسيين دون محاولة التأثير على المزاج الشعبي، خاصة في ظل تراجع الحماسة الشعبية تجاه الزيارات الإيرانية وضعف التعبئة الجماهيرية مقارنة بالماضي.

لكن هذه المحاولة واجهت حدودها سريعًا؛ إذ فُسرت رسالة لاريجاني على نطاق واسع كجزء من “معركة الرواية” بين خصوم إيران وأنصارها، واعتبرها البعض دليلًا على تدخل غير مباشر في ملفات حساسة مثل خطة جمع السلاح.

وفي بيئة سياسية منقسمة، قد تؤدي هذه الإستراتيجية إلى تثبيت الانقسام بدل تجاوزه، خصوصًا إذا بقيت المواقف متباعدة بين من يرى في إيران شريكًا داعمًا، ومن يعتبرها طرفًا مؤثرًا على سيادة لبنان.