أعاد المجتمع الدولي ملف الجولان السوري المحتل إلى الواجهة من جديد، بعد أن تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارًا يؤكد عدم شرعية السيطرة الإسرائيلية على الهضبة، داعيًا إسرائيل إلى الانسحاب الكامل حتى خط الرابع من يونيو 1967.
التحرك يعكس تجدد الاهتمام الدولي بواحدة من أكثر القضايا حساسية في الشرق الأوسط، في ظل استمرار التوتر الإقليمي وغياب المسار السياسي الذي كان من المفترض أن يعالج النزاع منذ عقود.
أغلبية واسعة ورسالة سياسية صريحة
القرار الذي صاغته مصر حصل على تأييد كبير بلغ 123 دولة، مقابل 7 دول فقط عارضته، فيما اختارت 41 دولة الامتناع.
الأرقام تعكس إجماعًا دوليًا على رفض الاعتراف بضم الجولان، وتكرس مجددًا القاعدة التي طالما شددت عليها الأمم المتحدة، لا شرعية لأي تغيير جغرافي تفرضه القوة.
وتعد هذه النتيجة بمثابة رسالة سياسية واضحة، تؤكد أن المجتمع الدولي ما يزال ينظر إلى الجولان باعتباره أرضًا سورية محتلة لا يحق لإسرائيل ضمها تحت أي مسمى.
القرار الأممي ومحددات السلام الغائب
ركز القرار الأممي على ضرورة انسحاب إسرائيل من كامل الجولان، مشيرًا إلى أن استمرار الاحتلال يمثل عقبة أساسية أمام أي تسوية شاملة في المنطقة.
ويستند القرار إلى سلسلة طويلة من قرارات مجلس الأمن التي ثبّتت عدم الاعتراف بالضم، مؤكدًا أن الواقع الميداني الذي فرضته إسرائيل منذ 1981 لا يمنحها أي حقوق قانونية، هذا الموقف يضع خطوطًا حمراء واضحة أمام أي محاولات لإعادة صياغة مستقبل الجولان خارج الإطار الأممي.
موقف إسرائيلي متمسك بالأمر الواقع
على الجانب الآخر، أظهرت إسرائيل موقفًا رافضًا لأي تغيير في سياساتها تجاه الجولان، وزير الخارجية جدعون ساعر أكد -في تصريحاته الأخيرة-، أن الهضبة ستبقى جزءًا لا يتجزأ من إسرائيل في أي اتفاق سلام محتمل، وأن بلاده لن تتراجع عن فرض قوانينها وإدارتها عليها.
اللافت، أن هذا الموقف يأتي في وقت تطرح فيه تل أبيب فكرة الانفتاح على سوريا ولبنان ضمن مسار اتفاقات إقليمية جديدة، لكنها في الوقت نفسه تصر على الاحتفاظ بالجولان كأمر واقع غير قابل للتفاوض.
بين المسار السياسي والتغيرات الميدانية
ويرى مراقبون، أن تشدد إسرائيل تجاه الجولان يعود جزئيًا إلى التحولات الميدانية التي شهدتها الساحة السورية خلال العقد الأخير، خاصة بعد سقوط النظام السابق في دمشق واقتراب القوات الإسرائيلية من المنطقة العازلة.
وخلال تلك السنوات شنت تل أبيب مئات الضربات الجوية على مواقع داخل سوريا، مبررة ذلك بالحد من قدرات أي قوى قد تتولى السيطرة على الترسانة العسكرية السورية في الجنوب، هذا التمدد العسكري عزز قناعة إسرائيل بأن التمسك بالهضبة يمثل ضمانة أمنية لا يمكن الاستغناء عنها.
ملف مفتوح على احتمالات إقليمية معقدة
ويعيد القرار الأممي اليوم وضع الجولان في قلب النقاش الدولي، في وقت تتداخل فيه قضايا الأمن الإقليمي، وملفات سوريا، وتوازنات القوى بين إسرائيل وجيرانها.
وبينما يشدد المجتمع الدولي على مبدأ الانسحاب كشرط للسلام العادل، تتمسك إسرائيل بالضم وتعتبره مكسبًا استراتيجيًا.

