تتجه الساحة اللبنانية نحو مرحلة أكثر قتامة، مع تصاعد التحذيرات الإسرائيلية التي تتحدث عن اقتراب سيناريو المواجهة الواسعة. هذا المشهد الملبد بالتوتر يتزامن مع تحركات دبلوماسية أمريكية عاجلة، تحاول من خلالها واشنطن احتواء الانحدار السريع، لكن نجاح هذه المساعي يبقى مشروطًا بقدرة الأطراف على ضبط خطابها العسكري.
من جانبها، تل أبيب تروج لمعادلة جديدة تعتبر فيها أن استمرار حزب الله في تعزيز قوته سيقود إلى جولة قتال مفتوح لا يمكن تأجيلها.
ضغوط إسرائيلية ورسائل مباشرة لواشنطن
وقد أبلغت إسرائيل المبعوثة الأمريكية مورغان أورتاغوس جملة من الأدلة التي تقول إنها تؤكد توسع قدرات حزب الله في لبنان. ورغم أن هذا الاتهام ليس جديدًا، فإن حدته الحالية تظهر رغبة إسرائيلية في رفع مستوى التنسيق مع إدارة واشنطن، مع دفع الأخيرة نحو التعاطي بصرامة أكبر مع ملف السلاح غير الشرعي في لبنان.
اللقاءات التي عقدتها أورتاغوس مع نتنياهو وكاتس وساعر حملت طابعًا إنذاريًا، إذ شدد المسؤولون الإسرائيليون على أن النقطة الفاصلة باتت قريبة، وأن سياسات الانتظار لم تعد مجدية.
جدل السيادة اللبنانية كعنوان للمواجهة
في المقلب الآخر، تظهر تصريحات تل أبيب سعيها إلى تحميل حزب الله وحده مسؤولية خرق السيادة اللبنانية، كما تحاول وضع الجيش اللبناني أمام اختبار صعب، عبر التأكيد أن فشله في نزع سلاح الحزب سيقود إلى توسع العمليات الجوية في عمق لبنان.
الرسالة التي نقلت إلى بيروت عبر القنوات الأمريكية تحمل مؤشرات واضحة على أن إسرائيل تريد إعادة تعريف قواعد الاشتباك، وأن المناطق التي كانت محرمة في السابق باتت على قائمة الأهداف المحتملة.
مساعٍ أمريكية لاحتواء الانهيار
وتحاول واشنطن نشر شبكة أمان دبلوماسية تمنع الانفجار الشامل. ومن المتوقع أن يصل المندوب الأمريكي لدى الأمم المتحدة مايك والتز إلى المنطقة، في إطار جولة تهدف إلى وقف الانزلاق نحو الحرب.
رغم أن الولايات المتحدة تؤكد دعمها لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها، فإنها تعمل في الوقت ذاته على تجنب مواجهة عسكرية واسعة تضع المنطقة على شفا فوضى جديدة.
مع ذلك، تبدو المساعي الأمريكية مقيدة باندفاع تل أبيب نحو خيار القوة، وبإصرار حزب الله على التمسك بمعادلة الردع التي بنى عليها خطابه خلال السنوات الماضية.
إنذار ترامب وعامل الوقت الحرج
ويتزامن هذا التصعيد مع انقضاء المهلة التي منحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنزع سلاح حزب الله، بحسب تقارير إسرائيلية.
المهلة تستخدم اليوم كورقة ضغط داخل إسرائيل لتبرير زيادة الهجمات وتعزيز الجهوزية العسكرية، وتشير معلومات القناة 13 الإسرائيلية إلى أن اجتماعًا سياسيًا أمنيًا عقد خلال الأيام الماضية، قدم خلاله الجيش الإسرائيلي خطة عملياتية لمرحلة أكثر هجومية في الجنوب اللبناني، مع تركيز على خطوط تهريب الأسلحة وعمليات النقل التي يراقبها الجيش الإسرائيلي بدقة.
المشهد الراهن ينذر بتحولات خطيرة، لبنان يعيش تحت ضغط اقتصادي واجتماعي غير مسبوق، وتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية قد يدفع البلاد إلى حافة الانفجار الشامل.
وفي المقابل، يظهر حزب الله مستعدًا لخوض جولة جديدة إذا فرضت عليه، ما يجعل هامش التهدئة يضيق يومًا بعد يوم.

