ذات صلة

جمع

اعرف عميلك.. كيف يمكن فصل العمل الإغاثي الطارئ عن الأجندات السياسية لجماعة الإخوان؟

مع تزايد التدقيق الدولي على مصادر التمويل ومعايير الشفافية،...

إخوان تونس.. توظيف الإشاعات لإحياء خطاب المظلومية الباهت

يعود تنظيم الإخوان الإرهابي في تونس مجددًا إلى تكتيكه...

أوروبا تحاصر الإخوان.. من الشارع إلى تشريعات الردع

تشهد الساحة الأوروبية تحولاً لافتًا في طريقة التعامل مع...

بن غفير وسموتريتش يقودان حملة لإسقاط القرار الأميركي في مجلس الأمن

تتجه الأنظار في إسرائيل نحو جلسة مجلس الأمن المقبلة،...

بعد انحسار الجبهة مع إسرائيل.. خيارات الحوثيين بين التصعيد والحفاظ على المكاسب

مع توقف الهجمات الحوثية على إسرائيل والسفن في البحر...

إخوان تونس.. توظيف الإشاعات لإحياء خطاب المظلومية الباهت

يعود تنظيم الإخوان الإرهابي في تونس مجددًا إلى تكتيكه الأثير: صناعة روايات الاضطهاد ومحاولة تصدير صورة الضحية. هذه السياسة، التي اعتاد عليها التونسيون طوال العقد الماضي، تعود اليوم في ثوب جديد، بعد أن ضاقت السبل بالجماعة وأصبحت محاصرة سياسيًا وقضائيًا.

فمع تقدّم الملفات القانونية المتعلقة بجرائم السنوات السابقة، وجد قادة التنظيم أنفسهم أمام خيار واحد: إطلاق موجة إشاعات تعيد إنتاج خطاب المظلومية، أملًا في استعادة التعاطف الشعبي والدولي الذي تآكل خلال الأعوام الأخيرة.

إضرابات وهمية ومحاولات لتحريف الواقع

أحد أبرز أدوات الإخوان في هذه المرحلة هو الترويج لادعاءات الإضراب عن الطعام داخل السجون، في محاولة لإثارة ضجة إعلامية وتدويل القضية.

ففي كل مرة يشتدّ فيها الخناق القانوني، يعود التنظيم إلى الأسلوب ذاته: إطلاق روايات حول تدهور الحالة الصحية، وسوء المعاملة، والخطر على حياة السجناء، دون تقديم أي دليل فعلي أو مستند موثوق. تُقدَّم هذه الادعاءات كحقائق جاهزة للرأي العام، في حين تتجاهل القيادات الإخوانية أن الإجراءات القضائية التي يواجهونها ترتبط بملفات ثقيلة تتعلق بالتآمر على أمن الدولة، وتمويلات مشبوهة، وشبكات نفوذ زرعت أزمات داخلية طوال سنوات الحكم.

خطاب المظلومية في مواجهة الحقيقة

على الجانب الآخر، تتعامل السلطات التونسية مع هذه المزاعم بمنطق قانوني واضح، مؤكدة أن حقوق السجناء مكفولة، وأن أي إجراءات تُتخذ تخضع لمراقبة صحية وإدارية دقيقة.

هذا التناقض بين الادعاءات والواقع يكشف أن الهدف ليس “الدفاع عن حقوق السجناء”، بل محاولة خلق حالة صدامية بين الشارع والدولة.

يراهن الإخوان على أن الضخ الإعلامي المستمر سيعيد إليهم جزءًا من التعاطف الذي فقدوه، خاصة وأن شخصيات بارزة من التنظيم، مثل راشد الغنوشي وعدد من قادة ما يسمى بـ”جبهة الخلاص”، تواجه ملفات قضائية معقدة لا يمكن طمسها بإطلاق إشاعات.

لماذا يستعيد الإخوان هذه اللغة الآن؟

يرى مراقبون أن خطاب المظلومية الذي يُعاد تدويره اليوم يرتبط بتراجع التنظيم على أكثر من مستوى.
محليًا، فقدت الجماعة قواعدها الشعبية، ولم يعد خطابها قادرًا على تحريك الشارع التونسي.
عربيًا، قطعت عدة دول صلاتها بالتنظيم وصنّفته تهديدًا للأمن القومي.
دوليًا، تراجع تأثير اللوبيات الداعمة لها، فيما ازدادت ملفات الفساد والتآمر التي طالت قياداتها.

لهذه الأسباب، يعوّل الإخوان على أسلوب الضجيج السياسي، عبر الإشاعات والتحريض، بهدف خلق انطباع بأنهم يتعرضون لاستهداف ممنهج، رغم أن الإجراءات المتخذة بحقهم تنبع من مسارات قضائية قائمة على ملفات واضحة.

مظلومية بلا جمهور.. وتكتيك يفقد بريقه

ما لم يدركه التنظيم أن المجتمع التونسي لم يعد يتجاوب مع الخطاب العاطفي الذي استخدمه الإخوان طيلة سنوات. فالإضرابات المزعومة لم تحرك الشارع، والإشاعات لم تعد قادرة على تغيير الواقع، بل أصبحت مادة ساخرة يتداولها المواطنون عبر المنصات.

وفي ظل هذا التراجع، يبدو أن محاولات الإخوان لإحياء خطاب المظلومية لن تمنحهم مخرجًا من أزماتهم، بل قد تعمّق عزلتهم أكثر، فالمناخ العام في تونس يتجه نحو ترسيخ دولة قانون، بينما يحاول التنظيم إعادة عقارب الساعة إلى ما قبل سقوط نفوذه.