ذات صلة

جمع

حظر الإخوان يصل أوروبا.. هل يبدأ الغرب تحركًا جماعيًا لإنقاذ حضارته؟

في ظل المتغيرات المتسارعة على الساحة السياسية الدولية، عاد...

برلين تتحرك ضد التطرف.. حظر ومداهمات لجمعيات إسلامية

في خطوة تعد من أقوى الإجراءات ضد الإسلام السياسي في أوروبا، أعلنت وزارة الداخلية الألمانية، الأربعاء، حظر جمعية “مسلم إنتراكتيف” الموالية لجماعة الإخوان المسلمين، ومصادرة أصولها، بالتزامن مع تنفيذ عمليات مداهمة وتفتيش شملت جمعيتين أخريين في ولايات مختلفة.

التحرك الألماني جاء بعد تصاعد القلق من نشاط متزايد لهذه الجمعيات داخل الأوساط الشبابية، إذ تتهم بأنها واجهة رقمية حديثة تسعى إلى نشر الفكر المتطرف تحت غطاء النشاط الاجتماعي والديني.

مداهمات واسعة وحظر شامل

وقد أطلقت قوات الأمن الألمانية حملة متزامنة في ولايات هامبورغ وبرلين وهيسه، استهدفت خلالها أكثر من 19 موقعًا تابعًا لجمعيات “جينيريشن إسلام” و”ريليتايت إسلام”، المصنفتين ضمن نطاق الإسلام السياسي.

ووفق البيان الرسمي، فإن السلطات ترى أن نشاط هذه الجمعيات يهدد النظام الدستوري الألماني، ويعمل على تقويض قيم المجتمع الديمقراطي، من خلال التحريض على الانفصال الثقافي والديني، وترويج خطاب الكراهية الموجه ضد مؤسسات الدولة.

القرار لم يكن مفاجئًا للأوساط الأمنية، إذ سبق أن أثارت مظاهرات نظمتها “مسلم إنتراكتيف” في هامبورغ العام الماضي جدلاً واسعًا، بعدما رفع المشاركون شعارات تدعو إلى “إقامة الخلافة”، في مشهد اعتبرته الحكومة إشارة صريحة إلى نوايا تنظيمية تتجاوز النشاط الدعوي إلى أفق سياسي متطرف.

جيل رقمي جديد من التطرف

تشير التقديرات إلى أن “مسلم إنتراكتيف” تمثل جيلًا جديدًا من الجماعات المتطرفة في ألمانيا، إذ تستخدم أدوات التواصل الحديثة لبث رسائلها واستقطاب الأجيال الشابة.

فبدلًا من المساجد والمراكز التقليدية، تعتمد الجمعية على الإنترنت كمنصة للتجنيد والتعبئة، مستغلة مشاعر الغضب من التمييز أو من أحداث الشرق الأوسط، وعلى رأسها الحرب في غزة، لتغذية خطابها الموجه نحو فئة الشباب.

وتتخذ الحركة من اللون الأسود رمزًا بصريًا لها، ويظهر أعضاؤها بملابس موحدة في مقاطع فيديو مصوّرة باحترافية، تروج لما تصفه بـ”هوية إسلامية مستقلة” في مواجهة ما تعتبره “ديكتاتورية القيم الغربية”.

ويقول محللون: إن هذا الأسلوب يعكس انتقال الجماعات الإسلامية إلى مرحلة جديدة من التجنيد الناعم عبر الإعلام الرقمي، مستفيدة من بيئة التواصل الاجتماعي التي يصعب ضبطها.

تشابه مقلق مع اليمين المتطرف

اللافت، أن خبراء الأمن في ألمانيا يرون في هذه الجماعات الإسلامية وجهًا جديدًا للتطرف، يشبه في بنيته وأسلوبه حركات اليمين المتطرف التي تستخدم الرموز واللغة الشبابية لكسب التأييد.

فالحركات الحديثة مثل “مسلم إنتراكتيف” لا تعتمد على الوعظ الديني التقليدي، بل على تقديم نفسها كحركة احتجاج ضد ما تسميه “الاستيعاب القسري” داخل المجتمع الألماني، وهو ما يجعلها أكثر جاذبية للمراهقين والطلبة الذين يعانون من أزمات هوية أو تمييز.

وهذا التشابه في الخطاب والرموز جعل السلطات تعتبرها خطرًا مزدوجًا: إذ تستخدم شعارات دينية لتبرير رفض القيم الديمقراطية، في حين تستلهم أساليب التعبئة من الجماعات المتطرفة الأخرى داخل أوروبا.

رسالة سياسية صارمة من برلين

يأتي قرار الحظر في إطار سياسة ألمانية جديدة أكثر صرامة تجاه جماعات الإسلام السياسي، بعد تزايد التقارير الأمنية التي تشير إلى محاولات منظمة لإعادة إحياء نفوذ الإخوان في أوروبا عبر واجهات اجتماعية وثقافية.

وبرفع الغطاء القانوني عن هذه الجمعيات ومصادرة أصولها، تسعى برلين إلى إرسال رسالة واضحة بأن حرية المعتقد لا يمكن أن تتحول إلى غطاء لنشاطات تهدد النظام الديمقراطي.